responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 395


والمعنى : أحل اللَّه لكم في ليالي صومكم الإفضاء إلى نسائكم ومباشرتهن وقوله - تعالى - * ( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ) * وارد مورد المقتضى لإباحة مباشرة النساء في ليالي الصيام ، ذلك أن كلا من الزوجين يسكن إلى صاحبه ، ويكون من شدة القرب منه كالثوب الملابس له وكانت العرب تسمى المرأة لباسا ، وهذه حال تقوى معها الدواعي إلى المباشرة ، فمن رفقه - تعالى - بعباده أن أحلها لهم ليلة الصيام .
قال الراغب : جعل اللباس كناية عن الزوج لكونه سترا لنفسه ولزوجه أن يظهر منهما سوء ، كما أن اللباس ستر عنه أن يبدو منه السوء .
وقال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما موقع قوله : * ( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ ) * قلت : هو استئناف كالبيان لسبب الإحلال ، وهو أنه إذا كانت بينكم وبينهن مثل هذه المخالطة والملابسة قل صبركم عنهن وصعب عليكم اجتنابهن ، فلذلك رخص لكم في مباشرتهن » « 1 » .
وفي هذا التعبير القرآنى ما فيه من اللطافة والأدب وسمو التصوير لما بين الرجل وزوجه من شدة الاتصال والمودة واستتار كل واحد منهما بصاحبه .
وقوله - تعالى - : * ( عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وعَفا عَنْكُمْ ) * جملة معترضة بين قوله : * ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ ) * وبين قوله : * ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ) * إلخ . وقد جيء بها لبيان حالهم بالنسبة إلى ما فرط منهم ، ولبيان مظهر من مظاهر لطف اللَّه بهم ، ورحمته إياهم .
وقوله : * ( تَخْتانُونَ ) * قال الراغب : الاختيان مراودة الخيانة ، ولم يقل تخونون أنفسكم لأنه لم تكن منهم الخيانة بل كان منهم الاختيان ، فإن الاختيان تحرك شهوة الإنسان لتحرى الخيانة وذلك هو المشار إليه بقوله - تعالى - : إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ « 2 » .
والمعنى : علم اللَّه - تعالى - أنكم كنتم تراودون أنفسكم على مباشرة نسائكم ليلا ، وعلى الأكل بعد النوم ، قبل أن يظهر الفجر الصادق ، بل إن بعضكم قد فعل ذلك ، فكان من رحمة اللَّه بكم أن أباح الأكل والشرب والجماع في ليالي الصوم ، وأن قبل توبتكم وعفا عنكم ، أى :
محا أثر ما فعلتموه من الأكل والجماع قبل أن يأذن لكم بذلك .
وجملة * ( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) * معطوفة على محذوف ، والتقدير : فتبتم فتاب عليكم .
والذين لا يرون أن الآية ناسخة لحكم سابق عبر عن وجهة نظرهم صاحب المنار فقال :
وقوله - تعالى - : * ( عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ ) * أى : تتنقصونها بعض ما أحل اللَّه


( 1 ) تفسير الكشاف للزمخشري ج 1 ص 230 . ( 2 ) مفردات القرآن للراغب الأصفهاني ص 163 .

395

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست