نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 394
ويرى بعض العلماء أن الآية ليست من قبيل النسخ وإنما هي إرشاد إلى ما شرعه اللَّه - تعالى - لعباده خلال شهر الصوم من إباحة غشيان أزواجهن ليلا . ومن جواز الأكل والشرب ، حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، وكأن الصحابة كانوا يتحرجون عن ذلك ظنا منهم أنه من تتمة الصوم ، ورأوا أن لا صبر لأنفسهم عن الأكل والشرب والجماع ليلا ، فبين اللَّه لهم أن ذلك حلال لا حرج فيه . وأصحاب هذا الرأى يستشهدون لذلك بما رواه البخاري عن البراء قال : لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله ، وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل اللَّه - تعالى - * ( عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وعَفا عَنْكُمْ ) * « 1 » . فالمقصود من الآية الكريمة عند هؤلاء رفع ما توهمه بعض الصحابة من أن الأكل أو الشرب أو الجماع لا يجوز ما داموا قد ناموا بعد فطرهم لأن اللَّه - تعالى - رؤف رحيم بهم ، ولم يشرع لهم ما فيه حرج أو مشقة عليهم . وعلى كلا القولين فالآية الكريمة تسوق لنا لونا من ألوان رحمة اللَّه - تعالى - بعباده فيما شرع لهم من فرائض وأحكام . والمراد بليلة الصيام : الليلة التي يصبح فيها الإنسان صائما دون تحديد ليلة معينة من شهر رمضان ، فالإضافة لأدنى ملابسة . قال الجمل وقوله : * ( لَيْلَةَ الصِّيامِ ) * منصوب على الظرف ، وفي الناصب له ثلاثة أقوال : أحدها : وهو المشهور عند المعربين أنه أحل ، وليس بشيء ، لأن الإحلال ثابت قبل ذلك الوقت . الثاني : أنه مقدر مدلول عليه بلفظ الرفث تقديره : أحل لكم أن ترفثوا ليلة الصيام . الثالث : أنه متعلق بالرفث وذلك على رأى من يرى الاتساع في الظرف والمجرورات « 2 » « . والرفث في الأصل : الفحش من القول ، وكلام النساء حين الجماع ، كنى به عن المباشرة للزومه لها غالبا . يقال رفث في كلامه - كنصر وفرح وكرم - وأرفث ، إذا أفحش فيه . والمراد به في الآية الجماع والمباشرة . وعدى بإلى - مع أن المستعمل الشائع أن يقال : رفث بالمرأة - لتضمنه معنى الإفضاء كما في قوله - تعالى - : وقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ .
( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 314 . ( 2 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 ص 149 .
394
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 394