نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 384
المريض أو المسافر هل يقضيها متتابعة أو متفرقة وهل يقضيها على الفور أو على التراخي ؟ وجمهور الفقهاء على أن للمفطر في رمضان بسبب المرض أو السفر أن يقضى ما أفطره متتابعا أو متفرقا لأن قوله - تعالى - : * ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) * . دل على وجوب القضاء من غير تعيين لزمان ، لأن اللفظ - كما قال القرطبي - مسترسل على الأزمان لا يختص ببعضها دون بعض . وله كذلك أن يقضى ما عليه على الفور أو على التراخي على حسب ما يتيسر له . ففي الصحيحين عن عائشة - رضي اللَّه عنها - قالت : يكون علىّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ، وذلك لمكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهذا نص وزيادة بيان للآية « . ويرى داود الظاهري أن على المفطر في رمضان بسبب المرض أو السفر أن يشرع في قضاء ما أفطره في اليوم الثاني من شوال المعاقب له ، وأن يتابع أيام القضاء . والمعتمد بين العلماء هو قول الجمهور لقوة أدلته التي سبق بيانها . وقوله - تعالى - : * ( وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَه فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) * بيان لحكم آخر من أحكام الشريعة فيما يتعلق بصوم رمضان يتجلى فيه تيسير اللَّه على عباده فيما شرع لهم من عبادات . ومعنى * ( يُطِيقُونَه ) * يقدرون عليه ويتحملونه بمشقة وتعب ، لأن الطاقة اسم للقدرة على الشيء مع الشدة والمشقة ، والوسع اسم للقدرة على الشيء على جهة السهولة . قال الراغب : والطاقة اسم لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقة ، وذلك تشبيه بالطوق المحيط بالشيء ، ومنه رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِه أى ما يصعب علينا مزاولته ، وليس معناه : « لا تحملنا ما لا قدرة لنا به » « 1 » . والعرب لا تقول فلان أطاق الشيء إلا إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضعف بحيث يتحمله بمشقة وعسر . فلا يقال - مثلا - فلان يطيق حمل نواة أو ريشة أو عشرة دراهم من حديد ، وإنما يقال : هو يطيق حمل قنطارين من الحديد أو حمل الأمتعة الثقيلة . وللعلماء أقوال في المراد بقوله - تعالى - : * ( وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَه فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) * أشهرها : 1 - إن هذا راجع إلى المقيم الصحيح خيره اللَّه - تعالى - بين الصوم وبين الفداء ، وكان ذلك في بدء الإسلام فرض عليهم الصوم ولم يتعودوه فاشتد عليهم ، فرخص لهم في الإقطار والفدية ، ثم نسخ ذلك وأوجب اللَّه عليهم الصوم . ويشهد لهذا القول ما جاء في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع قال : لما نزلت هذه الآية
( 1 ) مفردات القرآن ص 312 للراغب الأصفهاني .
384
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 384