نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 382
وقوله : * ( أَيَّاماً ) * منصوب على الظرفية ، أو بفعل مضمر مقدر أى : صوموا أياما . وقوله : * ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) * زيادة بيان ليسر شريعة الإسلام بعد أن أخبرهم - سبحانه - بأن الصوم المفروض عليهم إنما هو أيام معدودات ، وتعجيل بتطمين نفوس السامعين لئلا يظنوا وجوب الصوم عليهم في كل حال . والمرض : الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان ، بأن يصاب بانحراف في جسده يجعله في حالة وجع أو اضطراب بدني . قال القرطبي : وللمريض حالتان : إحداهما : ألا يطيق الصوم بحال فعليه الفطر واجبا . الثانية : أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة فهذا يستحب له الفطر . . فالفطر مباح في كل مرض إلا المرض اليسير الذي لا كلفة معه في الصيام « 1 » . وقوله : * ( أَوْ عَلى سَفَرٍ ) * قال الآلوسى معناه : أو راكب سفر مستعل عليه متمكن منه ، بأن اشتغل به قبل الفجر ، ففيه إيماء إلى أن من سافر في أثناء اليوم لم يفطر . واستدل بإطلاق السفر على أن السفر القصير وسفر المعصية مرخص للإفطار . وأكثر العلماء على تقييده بالمباح وبما يلزمه العسر غالبا وهو السفر إلى المسافة المقدرة في الشرع » « 2 » . والعدة فعلة من العد ، وهي بمعنى المعدود ، كالطحن بمعنى المطحون ومنه عدة المرأة . والمعنى : لقد فرضنا عليكم الصوم أيها المؤمنون ، وجعلناه كما الشأن في كل ما شرعناه متسما باليسر لا بالعسر ، ومن مظاهر ذلك أننا فرضنا عليكم صوم أيام معدودات وهي أيام شهر رمضان ، ولم نفرض عليكم صوم الدهر . وأننا شرعنا لمن كان مريضا مرضا يضره الصوم أو يعسر معه ، أو كان على سفر يشق عليه معه الصوم ، شرعنا له أن يفطر وأن يصوم بدل الأيام التي أفطرها أياما آخر مساوية لها في العدد . قال الإمام الرازي : قال القفال : انظروا إلى عجيب ما نبه اللَّه عليه من سعة فضله ورحمته في هذا التكليف ، إذ أنه بين في أول الآية أن لهذه الأمة في هذا التكليف أسوة بالأمم المتقدمة ، والغرض منه ما ذكرناه من أن الأمور الشاقة إذا عمت خفت . ثم ثانيا بين وجه الحكمة في إيجاب الصوم وهو أنه سبب لحصول التقوى فلو لم يفرض الصوم لفات هذا المقصود الشريف ، ثم بين ثالثا أنه مختص بأيام معدودة فإنه لو جعله أبدا أو أكثر الأوقات لحصلت المشقة العظيمة . ثم بين
( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 276 بتصرف وتلخيص . ( 2 ) تفسير الآلوسى ج 2 ص 58 .
382
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 382