نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 378
خاف : من الخوف ، وهو في الأصل حالة تعترى النفس عند الانقباض من شر يتوقع حصوله على سبيل الظن أو على سبيل العلم . والجنف : الميل والجور . يقال : جنف في وصيته وأجنف ، مال وجار ، فهو جنف وأجنف . وقيل : أجنف مختص بالوصية وجنف في مطلق الميل عن الحق . ويقال : جنف وجنف عن طريقه جنفا وجنوفا . والإثم : العمل الذي يبغضه اللَّه . يقال : أثم فهو آثم وأثيم . قال بعضهم : والمراد بالجنف هنا : الميل عن الحق في الوصية خطأ ، بقرينة مقابلته بالإثم وهو الميل عن الحق فيها عمدا . هذا ، ويرى جمهور العلماء أن هذه الآية الكريمة واردة في الوصي يرى أن الموصى قد حاد في وصيته عن حدود العدل ، فللوصي حينئذ أن يصلح فيها بحيث يجعلها متفقة مع ما شرعه اللَّه ، وهو في هذه الحالة لا إثم عليه لأنه قد غير الباطل بالحق وعلى هذا الرأى يكون المعنى : أن الوصي إذا رأى في الوصية ميلا عن الحق خطأ أو عمدا وأصلح بين الموصى لهم يردهم إلى الوجه المشروع فلا إثم عليه في التغيير في الوصية . والضمير في قوله : * ( بَيْنَهُمْ ) * عائد على الموصى لهم . ويرى آخرون أن هذه الآية واردة في شأن كل من يبغى الإصلاح من الناس ، بأن يرى الموصى يوصى ، فظهر له - أى هذا المصلح - أن الموصى قد جانب العدل والصواب في وصيته ، فيأخذ في الإصلاح ، بأن يرشده بأن فعله هذا لا يتفق مع شريعة العدل التي أمر بها اللَّه ، ويحاول قدر استطاعته أن يزيل ما حدث من خلاف بين الموصى والموصى لهم . وعلى هذا الرأى يكون المعنى : إن خرج الموصى في وصيته عن حدود العدالة ، ورأى أمارات ذلك منه من يريد الإصلاح من الناس ، وتوقع أن شرا سيترتب على هذه الوصية التي فيها جور ، أو شاهد نزاعا بين الموصى لهم بسبب ذلك ، فلا إثم على هذا المصلح في أن يصلح بين الموصى والموصى لهم ، وأن يرشد الموصى إلى سلوك طريق العدل والحق . وعليه فيكون الضمير في قوله : * ( بَيْنَهُمْ ) * يعود على الموصى والموصى لهم . ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب ، لأن سياق الآية يؤيده ، إذ هي بمنزلة الاستثناء من قوله - تعالى - : * ( فَمَنْ بَدَّلَه بَعْدَ ما سَمِعَه ) * . . وهذا إنما يكون بعد موت الموصى لا في حياته . وقوله : * ( إِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ ) * تذييل أتى به - سبحانه - للوعد بالثواب للمصلح على إصلاحه ، فإن من يغفر الذنوب ويرحم المذنبين تكون مغفرته ورحمته أقرب إلى من يقصد بعمله الإصلاح ولو اعتمد على ظن غالب أو أخطأ وجه الصواب فيما أتى من أعمال .
378
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 378