نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 375
والخير : المال ، وقالوا إنه هنا مختص بالمال الكثير ، لأن مقام الوصية يشعر بذلك ، ولم يرد نص من الشارع في تقدير ما يسمى مالا كثيرا ، وإنما وردت آثار من بعض الصحابة والتابعين في تقديره بحسب اجتهادهم ، وبالنظر إلى ما يسمى بحسب العرف مالا كثيرا فقال بعضهم : من ألف درهم إلى خمسمائة درهم ، وقال بعضهم : من ألف درهم إلى ثمانمائة درهم . والحق أن هذا التقدير يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والعرف . ويرى بعض العلماء أن الوصية مشروعة في المال قليلة وكثيرة . قال القرطبي : والوصية عبارة عن كل شيء يؤمر بفعله ويعهد به في الحياة وبعد الموت ، وخصها العرف بما يعهد بفعله وتنفيذه بعد الموت والجمع وصايا كالقضايا جمع قضية . والوصي يكون الموصى والموصى إليه . وأصله من وصى مخففا . وتواصى النبت تواصيا إذا اتصل وأرض واصية : متصلة النبات . وأوصيت له بشيء . وأوصيت إليه إذا جعلته وصيك . والاسم الوصاية والوصاية - بالفتح وبالكسر - وتواصى القوم : أوصى بعضهم بعضا « 1 » . والمعنى : كتب عليكم أيها المؤمنون أنه إذا ظهرت على أحدكم أمارات الموت : من مرض ثقيل ، أو شيخوخة مضعفة ، وكان عنده مال كثير قد جمعه عن طريق حلال ، أن يوصى بجانب منه لوالديه وأقاربه رعاية لحقهم وحاجتهم ، وأن تكون وصيته لهم بالعدل الذي لا مضارة فيه بين الأقارب ، والوصية على هذا الوجه تعتبر حقا واجبا على المتقين الذين اتخذوا التقوى والخشية من اللَّه طريفا لهم . فالآية الكريمة استئناف لبيان الوصية بعد الحديث عن القصاص ، وفصل القرآن الحديث عن الوصية عن سابقه للإشعار بأنه حكم مستقل جدير بالأهمية . وقد جاء الحديث عن الوصية بتلك الطريقة الحكيمة ، لتغيير ما كان من عادات بعض أهل الجاهلية ، فإنهم كانوا كثيرا مانعون القريب من الإرث توهما منهم أنه يتمنى موت قريبة ليرثه ، وربما فضلوا بعض الأقارب على بعض فيؤدى ذلك إلى التباغض والتحاسد ، وربما فضلوا - أيضا - الوصية لغير الأقارب للفخر والتباهي ، فشرع الإسلام لأتباعه ما يقوى الروابط ويمنع التحاسد والتعادي . قال الجمل : وكتب فعل ماض مبنى للمجهول ، وحذف الفاعل للعلم به وهو اللَّه - تعالى - وفي القائم مقام الفاعل ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون الوصية ، أى : كتب عليكم الوصية ، وجاز تذكير الفعل لكون القائم
( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 259 .
375
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 375