responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 371


عطف كل واحد منهما إلى الآخر ، فيقع بينهم العفو ، والاتباع بالمعروف ، والأداء بإحسان .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : عفى يتعدى بعن لا باللام فما وجه قوله * ( فَمَنْ عُفِيَ لَه ) * ؟ قلت : يتعدى بعن إلى الجاني وإلى الذنب فيقال : عفوت عن فلان وعن ذنبه . قال - تعالى - : عَفَا اللَّه عَنْكَ وقال : عَفَا اللَّه عَنْها . فإذا تعدى إلى الذنب والجاني معا قيل : عفوت لفلان عما جنى ، كما تقول : غفرت له ذنبه وتجاوزت له عنه . وعلى هذا ما في الآية ، كأنه قيل : فمن عفى عن جنايته فاستغنى عن ذكر الجناية « 1 » .
وجاء التعبير بلفظ شيء منكرا لإفادة التقليل . أى : فمن عفى له من أخيه ما يسمى شيئا من العفو والتجاوز ولو أقل قليل ، تم العفو وسقط القصاص ، ولم تجب إلا الدية ، وذلك بأن يعفو بعض أولياء الدم ، لأن القصاص لا يتجزأ .
وفي ذلك تحبيب من الشارع الحكيم لولى الدم ، في العفو وفي قبول الدية ، إذ العفو أقرب إلى صفاء القلوب ، وتجميع النفوس على الإخاء والتعاطف والتسامح . وفيه - أيضا - إبطال لما كان عليه أهل الجاهلية من التعيير من قبول أخذ الصلح في قتل العمد ، وعدهم ذلك لونا من بيع دم المقتول بثمن بخس . قال بعضهم يحرض قومه على الثأر .
< شعر > فلا تأخذوا عقلا من القوم إننى أرى العار يبقى والمعاقل تذهب < / شعر > وقال شاعر آخر يذكر قوما لم يقبلوا الصلح عن قتيل لهم :
< شعر > فلو أن حيا يقبل المال فدية لسقنا لهم سيبا من المال مفعما < / شعر > < شعر > ولكن أبى قوم أصيب أخوهم رضا العار فاختاروا على اللبن الدما < / شعر > ثم بين - سبحانه - أنه يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر فقال : * ( ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ ورَحْمَةٌ ) * .
أى : ذلك الذي شرعناه لكم من تيسير أمر القصاص بأداء الدية إلى ولى القتيل إذا رضى طائعا مختارا ، أردنا منه التخفيف عليكم إذ في الدية تخفيف على القاتل بإبقاء حياته وإنقاذها من القتل قصاصا ، وفيها كذلك نفع لولى القتيل ، إذ هذا المال الذي أخذه نظير عفوه يستطيع أن ينتفع به في كثير من مطالب حياته .
وبهذا نرى أن الإسلام قد جمع في تشريعه الحكيم لعقوبة القتل بين العدل والرحمة . إذ جعل القصاص حقا لأولياء المقتول إذا طالبوا به لا ينازعهم في ذلك منازع وهذا عين الإنصاف والعدل .


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 222 .

371

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست