responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 370


ذلك ان ينتشر القتل ، ويشيع الفساد ، وقد حكى لنا التاريخ كثيرا مما فعله الجاهليون في هذا الشأن .
قال الإمام البيضاوي عند تفسيره لهذه الآية : كان في الجاهلية بين حيين من أحياء العرب دماء وكان لأحدهما طول على الآخر فأقسموا لنقتلن الحر منكم بالعبد ، والذكر بالأنثى ، فلما جاء الإسلام تحاكموا إلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فنزلت هذه الآية . وهي لا تدل على أنه لا يقتل الحر بالعبد والذكر بالأنثى ، كما لا تدل على عكسه ، فإن المفهوم يعتبر حيث لم يظهر للتخصيص غرض سوى اختصاص الحكم » « 1 » .
ثم أورد - سبحانه - بعد إيجابه للقصاص العادل - حكما يفتح باب التراضي ، بين القاتل وأولياء المقتول ، بأن أباح لهم أن يسقطوا عنه القصاص إذا شاؤوا ويأخذوا في مقابل ذلك الدية ، فقال - تعالى - : * ( فَمَنْ عُفِيَ لَه مِنْ أَخِيه شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وأَداءٌ إِلَيْه بِإِحْسانٍ ) * .
عفى : من العفو وهو الإسقاط . والعفو عن المعصية ، وترك العقاب عليها . والذي عفى له هو القاتل ، و * ( أَخِيه ) * الذي عفا هو ولى المقتول . والمراد بلفظ * ( شَيْءٌ ) * القصاص ، وهو نائب فاعل * ( عُفِيَ ) * .
والمعنى : أن القاتل عمدا إذا أسقط عنه أخوه ولى دم القتيل القصاص ، راضيا أن يأخذ منه الدية بدل القصاص ، فمن الواجب على ولى الدم أن يتبع طريق العدل في أخذ الدية من القاتل بحيث لا يطالبه بأكثر من حقه ، ومن الواجب كذلك على القاتل أن يدفع له الدية بالطريق الحسنى ، بحيث لا يماطله ولا يبخسه حقه .
فقوله - تعالى - : * ( فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ ) * وصية منه - سبحانه - لولى الدم أن يكون رفيقا في مطالبته القاتل بدفع الدية .
وقوله : * ( وأَداءٌ إِلَيْه بِإِحْسانٍ ) * وصية منه - سبحانه - للقاتل بأن يدفع الدية لولى الدم بدون تسويف أو مماطلة .
وفي هذه الوصايا تحقيق لصفاء القلوب ، وشفاء لما في الصدور من آلام ، وتقوية لروابط الأخوة الإنسانية بين البشر .
وبعضهم فسر العفو بالعطاء فيكون المعنى : فمن اعطى له وهو ولى المقتول من أخيه وهو القاتل شيئا وهو الدية ، فعلى ولى المقتول اتباعه بالمعروف ، وعلى القاتل أداء إليه بإحسان .
وسمى القرآن الكريم القاتل أخا لولى المقتول ، تذكيرا بالأخوة الإنسانية والدينية ، حتى يهز


( 1 ) تفسير البيضاوي ص 36 .

370

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست