نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 365
ومسألة « هل في المال حق سوى الزكاة » من المسائل التي تناولها بعض العلماء بالشرح والتفصيل « 1 » . وقوله : * ( والْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ) * معطوف على قوله * ( مَنْ آمَنَ ) * فإنه في قوة قولك ، ومن أوفوا بعهدهم ، وأوثرت صيغة اسم الفاعل للدلالة على وجوب استمرار الوفاء . الوفاء بالعهد يشمل ما عاهد المؤمنون عليه اللَّه من الإذعان لكل ما جاء به الدين ، ويشمل ما يعاهد به الناس بعضهم بعضا مما لا يحل حراما ولا يحرم حلالا . والموفون بعهدهم هم الذين إذا وعدوا أنجزوا ، وإذا حلفوا بروا في أيمانهم ، وإذا قالوا صدقوا في قولهم ، وإذا ائتمنوا أدوا الأمانة ، وقد وعدهم اللَّه على ذلك بأجزل الثواب ، وأعلى الدرجات . وفي قوله - تعالى - : * ( إِذا عاهَدُوا ) * إشارة إلى أن إيفاءهم بالعهد لا يتأخر عن وقت حصول العهد . ثم ختم - سبحانه - خصال البر بقوله : * ( والصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ والضَّرَّاءِ وحِينَ الْبَأْسِ ) * . البأساء من البؤس ، وهي ما يصيب الناس في الأموال كالفقر والاحتياج . يقال : بئس يبأس بؤسا وبأسا أى اشتدت حاجته . والضراء من الضر ، وهي ما يصيبهم في أنفسهم كالأمراض والأسقام يقال : ضره وأضره وضاره وضرا ، ضد نفع : والألف في البأساء والضراء للتأنيث . وحين البأس ، أى : ووقت القتال في سبيل اللَّه لإعلاء كلمته ، يقال : بؤس ببؤس بأسا فهو بئيس ، أى : شجاع شديد . وقوله : * ( والصَّابِرِينَ ) * معطوف في المعنى على * ( مَنْ آمَنَ ) * كقوله * ( والْمُوفُونَ ) * إلا أنه جاء منصوبا على المدح بتقدير - أخص أو أمدح - وغير سبكه عما قبله ، تنبيها على فضيلة الصبر ومزيته على غيره من الفضائل حتى لكأنه ليس من جنس ما سبقه من فضائل ، وهذا الأسلوب يسمى عند علماء اللغة العربية بالقطع ، وهو أبلغ من الإتباع . ولا ريب في أن صفة الصبر على الشدائد والآلام وحين القتال في سبيل اللَّه ، جديرة بأنه ينبه لمزيد فضلها ، إذ هي أصل لكثير من المكارم كالعفاف عما في أيدى الناس ، والتسليم للقضاء الذي لا مرد له ، والإقدام الذي يحمى به الدين وتسلَّم به النفوس والأموال والأعراض : وليس الصبر هو الخضوع والاستكانة والاستسلام من غير مقاومة ولا عمل وإنما الصبر جهاد
( 1 ) راجع تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 44 ، وتفسير الآلوسى ج 2 ص 47 .
365
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 365