responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 355


العلماء - الشجاعة التي تجعلهم يجهرون بكلمة الحق في وجوه الطغاة لا يخافون لومة لائم ، ويبلغون رسالات اللَّه دون أن يخشوا أحدا سواه ، ويبينون للناس ما أمرهم اللَّه ببيانه بطريقة سليمة أمينة خالية من التحريف الكاذب ، والتأويل الباطل .
قال الإمام الرازي : قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وأحبارهم . كانوا يأخذون من أتباعهم الهدايا ، فلما بعث اللَّه نبيه محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم خافوا انقطاع تلك المنافع فكتموا أمره - عليه السلام - وأمر شرائعه فنزلت هذه الآية .
ثم قال الإمام الرازي : والآية وإن نزلت في أهل الكتاب لكنها عامة في حق كل من كتم شيئا من باب الدين يجب إظهاره ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب » « 1 » .
والمراد بالكتاب ، التوراة ، أو جنس الكتب السماوية التي بشرت بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
و * ( مِنَ ) * في قوله : * ( مِنَ الْكِتابِ ) * بمعنى في أى : يكتمون ما أنزل اللَّه في كتابه من صفة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ونعته ووقت بعثته .
وقيل للبيان ، وهي حال من العائد على الموصول والتقدير : أنزل اللَّه حال كونه من الكتاب والعامل فيه أنزل .
وقوله : * ( ويَشْتَرُونَ بِه ثَمَناً قَلِيلًا ) * معطوف على يكتمون .
أى : يكتمون ما أنزل اللَّه من الكتاب مما يشهد بصدق النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ويأخذون من سفلتهم في مقابل ذلك عرضا قليلا من أعراض الدنيا .
والضمير في قوله : * ( بِه ) * يعود إلى ما أنزل اللَّه ، أو إلى الكتمان الذي يدل عليه الفعل * ( يَكْتُمُونَ ) * أو إلى الكتاب .
ووصف هذا الثمن الذي يأخذونه في مقابل كتمانهم بالقلة ، لأن كل ما يؤخذ في مقابلة إخفاء شيء مما أنزله اللَّه فهو قليل حتى ولو كان ملء الأرض ذهبا .
وقوله - تعالى - : * ( أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ) * وما عطف عليه ، بيان للعذاب المهين الذي أعدلهم بسبب كتمانهم لما أمر اللَّه بإظهاره وبيعهم دينهم بدنياهم .
أى : أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا ما يؤدى بهم إلى النار وبئس القرار كما قال - تعالى - في حق أكلة مال اليتامى : إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً .
وفي هذه الجملة الكريمة تمثيل لحالة أولئك الكفار الحاصلة من أكلهم ذلك الثمن القليل


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 28 ، بتصرف .

355

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست