responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 353


وكانوا حديثي عهد بكفر .
فكأن المحرم ليس ما لم يعلم أن اسم اللَّه ذكر عليه ، بل المحرم ما علم أن غير اسم اللَّه من الأوثان والأنداد ونحو ذلك قد ذكر عليه .
فأنت ترى أن تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير كان لاستقذار الأكل من هذه الثلاثة ، أى :
لعلة ذاتية فيها ، أما تحريم ما أهل به لغير اللَّه فليس لعلة فيه ، ولكن للتوجه به إلى غير اللَّه .
وهي علة روحية تنافى سلامة القلب ، وطهارة الروح ، ووحدة المتجه فما ذكر عليه سوى اسم اللَّه من الذبائح ملحق بالنجاسة المادية والقذارة الحقيقة ، وفي ذلك حض للناس على إخلاص العبادة للَّه - تعالى - ، وزجر لهم عن التقرب إلى أحد سواه .
وقوله - تعالى - : * ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْه ) * بيان لحالات الضرورة التي يباح للإنسان فيها أن يأكل من تلك المحرمات .
و * ( اضْطُرَّ ) * من الاضطرار وهو الاحتياج إلى الشيء . يقال : اضطره إلى هذا الشيء . أى :
أحوجه وألجأه إليه مأخوذ من الإضرار ، وهو حمل الإنسان على أمر بكرهه ، وقهره عليه بقوة يناله بدفعها الهلاك .
و * ( باغٍ ) * من البغاء وهو الطلب . تقول : بغيته بغاء وبغيا وبغية أى : طلبته .
و * ( عادٍ ) * اسم فاعل بمعنى متعد ، تقول . عدا طوره إذا تجاوز حده وتعداه إلى غيره فهو عاد ، ومنه قوله - تعالى - في شأن قوم لوط : بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ .
و * ( لِغَيْرِ ) * منصوب على الحال من الضمير المستتر في * ( اضْطُرَّ ) * وهي هنا بمعنى النفي ولذا عطف عليها لا .
والمعنى : فمن ألجأته ضرورة إلى أكل شيء من هذه المحرمات : حالة كونه غير باغ : أى غير طالب للمحرم وهو يجد غيره ، أو غير طالب له لإشباع لذته ، أو غير طالب له على جهة الاستئثار به على مضطر آخر ، أو غير ساع في فساد * ( ولا عادٍ ) * أى : وغير متجاوز ما يسد الجوع ، ويحفظ الحياة * ( فَلا إِثْمَ عَلَيْه ) * أى : فلا إثم عليه في أكله من هذه المحرمات .
وبهذا نرى لونا من ألوان سماحة الإسلام ويسره في تشريعاته ، التي أقامها اللَّه - تعالى - على رفع الحرج ، ودفع الضرر ، قال - تعالى - : وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقال - تعالى - : يُرِيدُ اللَّه بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ .
وقوله : * ( إِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ ) * تذييل قصد به الامتنان . أى : إن اللَّه - تعالى - موصوف بهذين الوصفين الجليلين ، ومن كان كذلك كان من شأنه أن يعفو عن الخطايا ، ويغفر الذنوب ،

353

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست