نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 352
فيصير كالحيوان المفترس ، وهذا مناف لمقصد الشريعة التي جاءت لإتمام مكارم الأخلاق . وحرمة الخنزير شاملة للحمه وشحمه وجلده . وإنما خص لحمه بالذكر ، لأنه الذي يقصد بالأكل ، ولأن سائر أجزاء الخنزير كالتابعة للحمه . وبعض الفقهاء يرى أنه لا بأس من الانتفاع بشعر الخنزير في الخرازة - أى : خياطة الجلود وغيرها - ، وبعضهم كره ذلك . ومن الحكم في تحريم لحم الخنزير قذارته ، واشتماله على دودة تضر ببدن آكله وقد أثبت ذلك العلم الحديث . وما يقوله قوم من أن وسائل العلم الحديث قد تقدمت ، وصار في الإمكان التغلب على ما في لحم الخنزير من أضرار هذا القول مردود بأن العلم الحديث قد احتاج إلى ثلاثة عشر قرنا ليكتشف آفة واحدة في لحم الخنزير ، فمن ذا الذي يجزم بأنه ليس هناك آفات أخرى في هذا اللحم لم يعرفها العلم حتى الآن ؟ إن الشريعة التي سبقت العلم الحديث بأكثر من ثلاثة عشر قرنا أولى بالاتباع ، وأجدر بالطاعة فيما أحلته وحرمته مما يقوله الناس ، لأنها من عند اللَّه العليم بشئون عباده ، الخبير بما ينفعهم وبما يضرهم . وقوله : * ( وما أُهِلَّ بِه لِغَيْرِ اللَّه ) * معطوف على ما قبله من المحرمات . و * ( أُهِلَّ ) * من الإهلال ، وهو رفع الصوت عند رؤية الهلال ، ثم استعمل لرفع الصوت مطلقا ، ومنه إهلال الصبى ، والإهلال بالحج . وكانوا في الجاهلية إذا أرادوا ذبح ما قربوه إلى آلهتهم سموا عليها أسماءها - كاللات والعزى - ورفعوا بها أصواتهم ، وسمى ذلك إهلالا . فالمراد بما أهل به لغير اللَّه : ما ذبح للأصنام وغيرها ، ومنه ما يذبحه المجوسي للنار . ومنه عند جمهور العلماء : ذبائح أهل الكتاب إذا ذكر عليها اسم عزير أو عيسى ، لأنها مما أهل به لغير اللَّه . وذهب جماعة من التابعين إلى تخصيص الغير بالأصنام ، وإلى حل ذبائح أهل الكتاب مطلقا ، لعموم قوله - تعالى - في سورة المائدة وهي من آخر السور نزولا : وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ أى ذبائحهم ، وهو - سبحانه - يعلم ما يقولون . وروى الحسن عن على - رضي اللَّه عنه - أنه قال : إذا ذكر الكتابي اسم غير اللَّه على ذبيحته وأنت تسمع فلا تأكل ، فإذا غاب عنك فكل ، فإن اللَّه قد أحل ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون . وقد روى البخاري عن عائشة - رضي اللَّه عنها - قالت : إن قوما قالوا للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم اللَّه عليه أم لا ؟ فقال : سموا عليه أنتم وكلوه . قالت :
352
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 352