نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 34
وما يتعلق به من أحكام ، فحدثتنا عن الإيلاء وعن الطلاق . وعن الرضاع ، وعن العدة ، وعن الخطبة ، وعن غير ذلك مما يتعلق بهذا الشأن ، ثم ختمت حديثها بهذه الآية الكريمة : كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّه لَكُمْ آياتِه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . ثم عادت السورة في الربع السادس عشر منها إلى الحديث عن الملأ من بنى إسرائيل : . . قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ : ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّه . فساقت لنا قصتهم بأسلوب زاخر بالعظات والعبر ، التي من أهمها أن الدين هو أساس العزة والمنعة ، وأن الشدائد من شأنها أن تصهر النفوس فتجعلها تتجه إلى معالى الأمور ، وأن الأمير يجب أن يكون له من قوة العقل وقوة الجسم وسعة العلم ، وكمال التجربة - ما يقود به أمته إلى صالح الأمور ، وأن العاقل هو الذي يسلك الوسائل السليمة لبلوغ غايته الشريفة ، ثم يفوض الأمور بعد ذلك إلى اللَّه . وفي الربع السابع عشر منها أفاضت في الحديث عن مظاهر قدرة اللَّه ووحدانيته ، وأقامت على ذلك من الأدلة ما يشفى الصدور ، ويطمئن القلوب ، ويزيد المؤمنين إيمانا ، استمع إلى آية الكرسي وهي تصور عظمة اللَّه وقدرته فنقول . اللَّه لا إِله إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُه سِنَةٌ ولا نَوْمٌ ، لَه ما فِي السَّماواتِ ، وما فِي الأَرْضِ ، مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَه إِلَّا بِإِذْنِه ، يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ ، ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِه إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّه السَّماواتِ والأَرْضَ ، ولا يَؤُدُه حِفْظُهُما وهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ . وبعد هذا الحديث عن مظاهر قدرة اللَّه ساقت السورة في أواخرها أنماطا من التوجيهات التي تسعد المجتمع ، وتنزع الأحقاد من قلوب الأفراد ، فقد حضت المسلمين في جملة من آياتها على الإنفاق والإحسان ، وضربت لذلك أروع الأمثال ونهتهم عن المن والأذى ، وصرحت بأن الكلمة الطيبة للسائل خير من العطاء الذي تتبعه الإساءة . قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ومَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً واللَّه غَنِيٌّ حَلِيمٌ . ثم بعد أن عقدت مقارنه مؤثرة بين من ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة اللَّه ، وبين من ينفقونها رئاء الناس ، بعد كل ذلك مدحت الفقراء الذين يتعففون عن السؤال ، ولا يلجئون إليه إلا عند الضرورة القصوى فقالت : لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ولكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ، وما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ ، وما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْه اللَّه ، وما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ . لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّه لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ، تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ، وما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّه بِه عَلِيمٌ .
34
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 34