responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 326


< فهرس الموضوعات > 160 إلا الذين تابوا < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > 161 إن الذين كفروا < / فهرس الموضوعات > البصري ذلك قال : وددت أنه لم يحدثه ؟ ؟ انهم يتلقفون من ظاهره ما يوافق هواهم فيجعلونه ذريعة لهم فيما يعاملون به الناس من الظلم .
ومما يشهد بفقه بعض العلماء وحسن إدراكهم ، ووضعهم العلم في موضعه المناسب : ما جاء في بعض الكتب أن سلطان قرطبة سأل يحيى بن يحيى الليثي عن حكم يوم أفطره في رمضان عامدا لأن شهوته غلبته على وطء بعض جواريه ، فأفتاه بأن من الواجب عليه أن يصوم ستين يوما ، وكان بعض الفقهاء جالسا فلم يجترئ على مخالفة يحيى . فلما انفض المجلس قيل له : لم خصصت الحكم بأحد المخيرات وكتمت العتق والإطعام ؟ فقال - رحمه اللَّه - لو فتحنا هذا الباب لوطئ كل يوم وأعتق أو أطعم ، فحملته على الأصعب لئلا يعود .
فالإمام يحيى عند ما كتم عن السلطان الكفارتين الأخريين - وهما الإعتاق والإطعام - لا يعتبر مسيئا ، لأنه قد أعمل دليل دفع مفسدة الجرأة على حرمة فريضة الصوم « 1 » .
وهكذا نرى أن إظهار العلم عند تحقق المقتضى لإظهاره ، ووضعه في موضعه اللائق به بدون خشية أو تحريف يدل على قوة الإيمان ، وحسن الصلة باللَّه - تعالى - : ذلِكَ فَضْلُ اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ .
وبعد هذا الوعيد الشديد لأولئك الكاتمين لما أمر اللَّه بإظهاره ، أورد القرآن في أعقاب ذلك آية تفتح لهم نافذة الأمل ، وتبين لهم أنهم إذا تابوا وأنابوا قبل اللَّه توبتهم ورحمهم ، فقال - تعالى - : * ( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ) * أى : رجعوا عن الكتمان وعن سائر ما يجب أن يتاب عنه ، وندموا على ما صدر عنهم * ( وأَصْلَحُوا ) * ما أفسدوه بالكتمان بكل وسيلة ممكنة * ( وبَيَّنُوا ) * للناس حقيقة ما كتموه * ( فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) * أى : أقبل توبتهم ، وأفيض عليهم من رحمتي ومغفرتي ، * ( وأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) * أى : المبالغ في قبول التوبة ونشر الرحمة .
فالآية الكريمة قد فتحت للكاتمين لما يجب إظهاره باب التوبة وأمرتهم بولوجه ، وأفهمتهم أنهم إذا فعلوا ما ينبغي وتركوا ما لا ينبغي وأخلصوا للَّه نياتهم ، فإنه - سبحانه - يقبل توبتهم ، ويغسل حويتهم ، أما إذا استمروا في ضلالهم وكفرهم ، ومضوا في هذا الطريق المظلم حتى النهاية بدون أن يحدثوا توبة ، فقد بين القرآن مصيرهم بعد ذلك فقال : * ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وماتُوا وهُمْ كُفَّارٌ ) * أى : إن الذين كفروا وكتموا ما من شأنه أن يظهر ، كإخفائهم النصوص المشتملة على البشارة بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم واستمروا على هذا الكفر والإخفاء حتى ماتوا .
* ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّه والْمَلائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) * أى : أولئك الذين وصفوا بما ذكر عليهم


( 1 ) تفسير التحرير والتنوير للشيخ الطاهر بن عاشور ج 2 ص 16 .

326

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست