responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 308


وقوله : * ( ويُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ ) * صفة رابعة للرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
والمراد بالكتاب : القرآن ، وتعليمه بيان ما يخفى من معانيه ، فهو غير التلاوة ، فلا تكرار بين قوله * ( يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا ) * وبين قوله * ( ويُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ ) * .
والحكمة : ما يصدر عنه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من الأقوال والأفعال التي جعل اللَّه للناس فيها أسوة حسنة .
قال بعضهم : وقدمت جملة * ( ويُزَكِّيكُمْ ) * هنا على جملة * ( ويُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ ) * عكس ما جاء في الآية السابقة في حكاية قول إبراهيم رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ ويُزَكِّيهِمْ لأن المقام هنا للامتنان على المسلمين ، فقدم ما يفيد معنى المنفعة الحاصلة من تلاوة الآيات عليهم وهي منفعة تزكية نفوسهم اهتماما بها ، وبعثا لها بالحرص على تحصيل وسائلها وتعجيلا للبشارة بها . أما في دعوة إبراهيم فقد رتبت الجمل على حسب ترتيب حصول ما تضمنته في الخارج ، مع ما في ذلك التخالف من التفنن » « 1 » .
وقوله - تعالى - : * ( ويُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) * صفة خامسة له صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
أى : « ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمونه مما لا طريق إلى معرفته سوى الوحى . ومما لم يكونوا يعلمونه وعلمهم إياه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وجوه استنباط الأحكام من النصوص أو الأصول المستمدة منها ، وأخبار الأمم الماضية ، وقصص الأنبياء ، وغير ذلك مما لم تستقل بعلمه عقولهم . وبهذا النوع من التعليم صار الدين كاملا قبل انتهاء عهد النبوة .
ولقد كان العرب قبل الإسلام في حالة شديدة من ظلام العقول وفساد العقائد . . .
فلما أكرمهم اللَّه - تعالى - برسالة رسوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وتلا عليهم الآيات ، وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون ، خرج منهم رجال صاروا أمثالا عالية في العقيدة السليمة ، والأخلاق القويمة والأحكام العادلة ، والسياسة الرشيدة لمختلف البيئات والنزعات .
قال الآلوسى : وكان الظاهر أن يقول : « ويعلمكم الكتاب والحكمة وما لم تكونوا تعلمون » بحذف الفعل « يعلمكم » من الجملة الأخيرة ، ليكون الكلام من عطف المفرد على المفرد ، إلا أنه - تعالى - كرر الفعل للدلالة على أنه جنس آخر غير مشارك لما قبله أصلا ، فهو تخصيص بعد التعميم مبين لكون إرساله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم نعمة عظيمة ، ولولاه لكان الخلق متحيرين في أمر دينهم لا يدرون ماذا يصنعون » « 2 » .


( 1 ) تفسير التحرير والتنوير ج 2 ص 45 الشيخ محمد الطاهر بن عاشور . ( 2 ) تفسير الآلوسى ج 2 ص 19 .

308

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست