نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 302
< فهرس الموضوعات > 146 الذين آتيناهم الكتاب < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > 147 الحق من ربك < / فهرس الموضوعات > - ثم بين القرآن الكريم أن أهل الكتاب يعرفون صدق الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم معرفة لا يخالطها شك فقال تعالى : * ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَه كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ) * . أى : أن أحبار اليهود وعلماء النصارى يعرفون صدق رسالة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ويعرفون أن توجهه إلى البيت الحرام حق ، كما يعرفون أبناءهم فهو تشبيه للمعرفة العقلية الحاصلة من مطالعة الكتب السماوية ، بالمعرفة الحسية في أن كلا متهما يقين لا اشتباه فيه . قال الإمام ابن كثير : « يخبر اللَّه أن علماء أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاء به الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كما يعرف أحدهم ولده ، والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء بهذا كما جاء في الحديث أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال لرجل معه صبي صغير » ابنك هذا « ؟ قال نعم يا رسول اللَّه أشهد به ، قال : « أما إنه لا يخفى عليك ولا تخفى عليه « ويروى عن عمر أنه قال » لعبد اللَّه بن سلام « أتعرف محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كما تعرف ولدك . قال نعم وأكثر ، نزل الأمين من السماء على الأمين في الأرض بنعته ، وإنى لا أدرى ما كان من أم ولدي ، فقبل عمر - رضي اللَّه عنه - رأسه » « 1 » . أى : وإن طائفة من أهل الكتاب مع ذلك التحقيق والإيقان العلمي من أنك على حق في كل شئونك ليتمادون في إخفائه وجحوده ، وهم يعلمون ما يترتب على ذلك الكتمان من سوء المصير لهم في الدنيا والآخرة - ثم ثبت اللَّه تعالى نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم والمؤمنين ، فأخبرهم بأن ما جاء به الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم هو الحق الذي لا شك فيه . أى : اعلم - يا محمد - أن ما أوحى إليك وأمرت به من التوجه إلى المسجد الحرام . هو الحق الذي جاءك من ربك ، وأن ما يقوله اليهود وغيرهم من المشركين هو الباطل الذي لا شك فيه ، فلا تكونن من الشاكين في كتمانهم الحق مع علمهم به ، أو في الحق الذي جاءك من ربك وهو ما أنت عليه في جميع أحوالك ومن بينها التوجه إلى المسجد الحرام . والشك غير متوقع من الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، ولذلك قال المفسرون إن النهى موجه إلى الأمة في شخص نبيّها صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إذ كان فيها حديثو عهد بكفر يخشى عليهم أن يفتنوا بزخرف من القول يروج به أهل الكتاب شبها تعلق بأذهان من لم يرسخ الإيمان في قلوبهم . وقد وضح ابن جرير - رحمه اللَّه - هذا المعنى بقوله : فإن قال لنا قائل : « أو كان النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم شاكا في أن الحق من ربه أو في أن القبلة التي وجهه اللَّه إليها حق من اللَّه - تعالى - حتى نهى عن شك في ذلك فقيل له : * ( فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) * . قيل : ذلك من الكلام الذي تخرجه العرب مخرج الأمر أو النهى للمخاطب به ، والمراد به غيره
( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 194 .
302
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 302