responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 256


قوله - تعالى - : * ( وقالُوا اتَّخَذَ اللَّه وَلَداً ) * معطوف على قوله - تعالى - قبل ذلك وقالت اليهود ليست النصارى على شيء إلخ « .
واتخذ : من الاتخاذ وهو الصنع والجعل والعمل . والولد : يطلق على الذكر والأنثى ، والواحد والجمع .
والذين قالوا اتخذ اللَّه ولدا هم اليهود والنصارى والمشركون ، فقد حكى اللَّه عن اليهود أنهم قالوا : عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّه وحكى عن النصارى أنهم قالوا : الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّه وحكى عن المشركين أنهم قالوا « الملائكة بنات اللَّه » فيصح أن يكون الضمير في قالوا عائدا على الفرق الثلاث أو على بعضهم . فمن المعروف أن القرآن يجرى على الأسلوب المعروف في المخاطبات حيث يسند إلى القوم ما صدر من بعضهم فحين قال : وقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّه أصبح من السائغ في صحة المعنى أن يكون هذا القول قد صدر من طائفة منهم :
وقوله : * ( سُبْحانَه ) * تنزيه له عما هو نقص في حقه ومحال عليه من اتخاذ الولد ، لاقتضاء الوالدية : النوعية والجنسية والتناسل والافتقار ، والتشبيه والحدوث وفي الصحيحين عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال :
« لا أحد أصبر على أذى سمعه من اللَّه ، إنهم يجعلون له ولدا ، وهو يرزقهم ويعافيهم » .
وسبحان : مصدر لسبح بمعنى نزه ، وهو منصوب بفعل لم يسمع من العرب التصريح به معه ، والأصل : أسبحه سبحانه ، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه ، وأضيف إلى ضمير المنزه .
وقوله : * ( بَلْ لَه ما فِي السَّماواتِ والأَرْضِ ) * إضراب عن مقالاتهم التي نسبوا بها إلى اللَّه اتخاذ الولد ، وشروع في الاستدلال على بطلانها .
واللام في قوله : * ( لَه ) * للاختصاص الكامل وهو الملك الحقيقي ، و ( ما ) اسم موصول يراد منه الكائنات : ما يعقل وما لا يعقل ومن جملة هذه الكائنات من ادعوا أنه ولد للَّه .
والمقصود إثبات أن قولهم * ( اتَّخَذَ اللَّه وَلَداً ) * زعم باطل ، فإن جميع ما احتوت عليه السموات والأرض مملوك للَّه يتصرف فيه كيف يشاء ، فلا حاجة إلى اتخاذ الولد ، إذ الولد إنما يسعى إليه الوالد ، أو يرغب فيه ليعتز به أو ليحيى ذكره ، أو ليستعين به على القيام بأعباء الحياة . واللَّه - تعالى - منزه عن أمثال هذه الأغراض التي لا تليق إلا بمن خلق ضعيفا كالإنسان ثم إن الحكمة من التوالد بقاء النوع محفوظا بتوارد أمثال الوالد حيث لا سبيل إلى بقائه بعينه ، أما الخالق - تعالى - فهو الواحد في ذاته وصفاته ، الباقي على الدوام ، كما قال تعالى :

256

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست