responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 254


المقدس حيث قذفوا فيه القاذورات وهدموه . ويكون مجازا كمنع المشركين حين صدوا رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن المسجد الحرام ، وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وإظهار شعائر الإسلام فيها خراب لها » « 1 » .
والمعنى : لا أحد أظلم ممن حال بين المساجد وبين أن يعبد فيها اللَّه ، وعمل في خرابها بالهدم كما فعل الرومان وغيرهم ببيت المقدس . أو بتعطيلها عن العبادة كما فعل كفار قريش ، فهو مفرط في الظلم بالغ فيه أقصى غاية .
قال صاحب الكشاف : « فإن قلت : فكيف قيل مساجد اللَّه ، وإنما وقع المنع والتخريب على مسجد واحد هو بيت المقدس أو المسجد الحرام ؟ قلت لا بأس أن يجيء الحكم عاما ، وإن كان السبب خاصا ، كما تقول لمن آذى صالحا واحدا : ومن أظلم ممن آذى الصالحين ، كما قال - عز وجل - : وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ والمنزول فيه هو الأخنس بن شريق » « 2 » .
وقوله - تعالى - : * ( أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ ) * معناه : ما ينبغي لأولئك الذين يحولون بين المساجد وذكر اللَّه ويسعون في خرابها أن يدخلوها إلا خائفين من اللَّه - تعالى - لمكانها من الشرف والكرامة بإضافتها إليه - تعالى - أو إلا خائفين من المؤمنين أن يبطشوا بهم ، فضلا عن أن يستولوا عليها ويمنعوا المؤمنين منها .
قال ابن كثير : « وفي هذا بشارة من اللَّه للمسلمين بأنه سيظهرهم على المسجد الحرام ، ويذل لهم المشركين حتى لا يدخل المسجد الحرام واحد منهم إلا خائفا يخاف أن يؤخذ فيعاقب ، أو يقتل إن لم يسلَّم ، وقد أنجز اللَّه هذا الوعد فمنع المشركين من دخول المسجد الحرام ، وذلك أنه بعد أن تم فتح مكة للمسلمين أمر النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من العام القابل مناديا ينادى برحاب منى » ألا لا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ومن كان له أجل فأجله إلى مدته « .
وعند ما حج النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عام حجة الوداع لم يجترئ . أحد من المشركين أن يحج أو أن يدخل المسجد الحرام . وهذا هو الخزي في الدنيا لهم ، المشار إليه بقوله - تعالى - : * ( لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ) * لأن الجزاء من جنس العمل « 3 » .
ثم ختمت الآية الكريمة ببيان عاقبة هؤلاء الساعين في خراب مساجد اللَّه فقال - تعالى - :
* ( لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ، ولَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) * . أى : لهم في الدنيا هوان وذلة بسبب ظلمهم وبغيهم ، ولهم في الآخرة عذاب عظيم يخلدون معه في النار . وليس هناك أشقى ممن


( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 77 . ( 2 ) تفسير الكشاف ج 2 ص 179 . ( 3 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 108 .

254

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست