نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 233
أولا : أن اللَّه - تعالى - قد أمر نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، أن يستعيذ به مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ وهم السحرة - على أرجح الأقوال . قال الإمام ابن كثير : قوله تعالى ومِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك ، يعنى السواحر قال مجاهد « إذا رقين ونفثن في العقد » « 1 » . فالآية الكريمة تدل على أن للسحر آثارا حقيقة ، وإلا لما أمر اللَّه - تعالى - نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يستعيذ من شرور السحرة . ثانيا : قال الإمام البخاري : - في باب هل يستخرج السحر - : حدثني عبد اللَّه بن محمد ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : أول من حدثنا به ابن جريج يقول : حدثني آل عروة عن عروة ، فسألت هشاما عنه فحدثنا عن أبيه عن عائشة قالت : كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم سحر حتى كان يرى أنه يأتى النساء ولا يأتيهن ، قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذلك . فقال : « يا عائشة أعلمت أن اللَّه قد أفتانى فيما استفتيته فيه ؟ أتانى رجلان فقعد أحدهما عند رأسى والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسى للآخر ، ما بال الرجل : مطبوب ، قال ومن طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم - رجل من بنى زريق حليف اليهود كان منافقا - قال . وفيم : قال : في مشط ومشاطه ، قال : وأين ؟ قال في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان . قالت : فأتى البئر حتى استخرجه ، فقال : « هذه البئر التي أريتها وكأن نخلها رؤس الشياطين » قال فاستخرج - أى السحر - قالت : فقلت أفلا - أى - تنشرت ؟ فقال : « إن اللَّه قد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا » « 2 » . فهذا الحديث الصحيح يفيد أن السحر قد أثر في جسم الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بنوع من المرض أو الثقل ، دون أن يكون لذلك أدنى تأثير في عقله .
( 1 ) تفسير ابن كثير ج 4 ص 573 . ( 2 ) فتح الباري : لابن حجر ج 12 ص 245 طبعة الحلبي . وهذا تفسير موجز لمفردات الحديث : « هشام » هو ابن عروة بن الزبير ومعنى : « أفتانى فيما استفيته فيه » : أجابنى فيما دعوته من أن يطلعني على حقيقة ما « مطبوب » أى مسحور يقال : طب الرجل - بالضم - إذا سحر . « المشط » : الآلة التي يسرح بها شعر الرأس واللحية « والمشاطة » : ما يخرج من الشعر إذا مشط « وجف طلع نخلة ذكر » هو الغشاء الذي يكون على الطلع ويطلق على الذكر والأنثى فلهذا قيده بالذكر . « والراعوفة » حجر يوضع على رأس البئر يقوم عليه المستقى وقد يكون في أسفلها « وبئر ذروان » : اسم لموضع البئر « كأن ماءها نقاعة الحناء » : يعنى أحمر اللون . « أفلا أى تنشرت » : النشرة - بالضم - ضرب من العلاج يعالج به من يظن أن به سحرا أو مسا من الجن قيل لها ذلك : لأنه يكشف بها عما خالطه من الداء .
233
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 233