responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 232


من عند اللَّه خيرا مما شروا به أنفسهم ، فحذف الفعل ، وغير السبك إلى ما عليه النظم الكريم ، للدلالة على ثبوت المثوبة لهم والجزم بخيريتها .
وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف « 1 » بقوله : ( فإن قلت : كيف أوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب لو ؟ قلت : لما في ذلك من الدلالة على ثبات المثوبة واستقرارها ، كما عدل عن النصب إلى الرفع في سلام عليكم لذلك .
وقال الإمام الآلوسى : ( المثوبة : اسم مصدر أثاب إذا أعطى الثواب ، والثواب الجزاء الذي يعطى للغير . ولم يقل - سبحانه - لمثوبة اللَّه مع أنه أخصر ، ليشعر التنكير بالتقليل فيفيد أن شيئا قليلا من ثواب اللَّه - تعالى - في الآخرة الدائمة ، خير من متاع كثير في الدنيا الفانية ، فكيف وثواب اللَّه - تعالى - كثير دائم ، وفيه من الترغيب والترهيب المناسبين للمقام ما لا يخفى « 2 » .
وقوله تعالى : * ( لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ) * شرط آخر محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه ، وحذف مفعول * ( يُعَلِّمُونَ ) * لدلالة * ( لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه خَيْرٌ ) * عليه . أى : لو كانوا يعلمون مثوبة اللَّه لما اشتروا السحر بالإيمان .
وبذلك تكون الآيات الكريمة التي سقناها في هذا المبحث قد دمغت بنى إسرائيل بجحود الحق ، ونبذهم لتعاليم كتابهم وإيثارهم عليها الأكاذيب والأباطيل ، وسيرهم في طريق الشر عن تعمد وإصرار ، وعدم عملهم بما يعلمون لانحراف طباعهم ، وحماقة تفكيرهم وسوء تدبيرهم .
واستحواذ الشيطان عليهم . . فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ ولِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ .
هذا ، ويحسن بنا قبل أن نختم هذا البحث ، أن نذكر كلمة موجزة عن السحر فنقول :
السحر : في أصل اللغة معناه : الصرف ، ومنه قوله تعالى فَأَنَّى تُسْحَرُونَ أى : فكيف تصرفون عن الحق إلى الباطل .
وقد ذكر السحر في القرآن والسنة ، واتفق علماء المسلمين على أن هناك شيئا يسمى سحرا ، إلا أنهم اختلفوا في تصويره .
فجمهور أهل السنة ذهب إلى أن للسحر آثارا حقيقية ، وأن الساحر قد يأتى بأشياء غير عادية ، إلا أن الفاعل الحقيقي في كل ذلك هو اللَّه - تعالى - واستدلوا على ذلك بأدلة منها .


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 228 . ( 2 ) تفسير الآلوسى ج 1 ص 384 .

232

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست