responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 212


وقوله تعالى : * ( فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ) * التمني هو ارتياح النفس ورغبتها القوية في الشيء . بحيث توده وتحب المصير إليه ، وهو يستعمل في المعنى القائم بالقلب كما بينا ، ويستعمل في اللفظ الدال على هذا المعنى ، كأن يقول الإنسان بلسانه ، ليتني أحصل على كذا .
والاستعمال الثاني هو المراد بقوله تعالى : * ( فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ) * أى اذكروا بألسنتكم لفظا يدل على أنكم تحبون الموت وترغبون فيه . وإنما قلنا إن ذلك هو المراد من الآية لأن المعنى الكائن بالقلب لا يعرفه أحد سوى اللَّه - تعالى - والتحدي لا يقع بتحصيل المعاني القائمة بالضمائر والقلوب .
ومعنى الآية الكريمة . قل يا محمد لليهود : إن كانت الجنة خاصة بكم ، ولا منازع لكم فيها ولا مزاحم كما تزعمون ، فتمنوا الموت بألسنتكم لكي تظفروا بنعيمها الدائم ، إن كنتم صادقين في دعواكم أنها خالصة لكم ، وإلا فإنكم لا تكونون صادقين في دعواكم ، إذ لا يعقل أن يرغب الإنسان عن السعادة المحضة الدائمة المضمونة له في الآخرة ، إلى سعادة ممزوجة بالشقاء في الدنيا .
قال الإمام الرازي : ( وبيان هذه الملازمة أن نعم الدنيا قليلة حقيرة بالقياس إلى نعم الآخرة . ثم إن نعم الدنيا على قلتها كانت منغصة عليهم بسبب ظهور محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ومنازعته معهم ، بالجدال والقتال ، ومن كان في النعم القليلة المنغصة . ثم تيقن أنه بعد الموت لا بد أن ينتقل إلى تلك النعم العظيمة ، فإنه لا بد أن يكون راغبا في الموت ، لأن تلك النعم العظيمة مطلوبة ولا سبيل إليها إلا بالموت وحيث كان الموت يتوقف عليه المطلوب وجب أن يكون هذا الإنسان راضيا بالموت متمنيا له ، فثبت أن الدار الآخرة لو كانت خالصة لهم ، لوجب أن يتمنوا الموت . ثم إن اللَّه - تعالى - أخبر أنهم ما تمنوا الموت ، بل لن يتمنوه أبدا ، وحينئذ يلزم قطعا بطلان ادعائها في قولهم : « إن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس » « 1 » .
وتحديهم بتمني الموت يكون بأن يقولوا بألسنتهم ليتنا نموت ، أو يقولوا ما في معنى هذه الكلمة كما أشرنا إلى ذلك سابقا ، وهذا رأى جمهور المفسرين .
وروى عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - أن ذلك يكون عن طريق المباهلة ، بأن يحضروا مع المؤمنين في صعيد واحد ، ثم يدعو الفريقان بالموت على الكاذب منهما .
ويبدو لنا أن الرأى الأول أرجح لأنه أقرب إلى موافقة اللفظ الذي نطقت به الآية وأقرب أيضا إلى معناها . إذ ليس في الآية إشارة ما إلى طلب المباهلة ، والقرآن حينما دعا إليها نصارى


( 1 ) تفسير الرازي ج 1 ص 433 .

212

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست