responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 203


استقر في النفس أن القرآن الكريم من عند اللَّه ، استتبع ذلك استحضار أنه أنزل على محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
وقولهم : * ( نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا ) * معناه : نؤمن بالتوراة التي أنزلها اللَّه على نبينا موسى دون غيرها مما أنزله اللَّه عليك - يا محمد - ، وجوابهم هذا يدل على غبائهم وعنادهم . لأن الداعي لهم إلى الإيمان ، يطلب منهم أن يؤمنوا بكل ما أنزل اللَّه من الكتب السماوية ، ولكنهم قيدوا أنفسهم بالإيمان ببعض ما أنزل اللَّه وهو ما أنزل عليهم ، فلم يكن إيمانهم مطابقا لما أمر اللَّه به وهو التصديق بجميع الكتب السماوية ، ولا شك أن من آمن ببعض الكتب السماوية وكفر ببعضها يكون كافرا بجميعها .
وقوله تعالى : * ( ويَكْفُرُونَ بِما وَراءَه ) * قصد به بيان التصريح بكفرهم بالقرآن الكريم بعد أن لمحوا بذلك في قولهم : * ( نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا ) * . والضمير في * ( وَراءَه ) * يعود على * ( بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا ) * المكنى به عن التوراة ، أى : قالوا نؤمن بما أنزل علينا والحال أنهم يكفرون بما سوى التوراة أو بما بعدها وهو القرآن الكريم .
قال ابن جرير - رحمه اللَّه - : « وتأويل وراء في هذا الموضع : سوى ، كما يقال للرجل المتكلم بالحسن ، ما وراء هذا الكلام الحسن شيء . يراد به : ليس من عند المتكلم به شيء سوى ذلك الكلام ، فكذلك معنى قوله تعالى : * ( ويَكْفُرُونَ بِما وَراءَه ) * أى بما سوى التوراة ، وبما بعده من كتب اللَّه التي أنزلها على رسله » « 1 » .
والضمير « هو » في قوله تعالى : * ( وهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ ) * يعود إلى القرآن الكريم المكنى عنه بقوله « بما وراءه » . والحق : الحكم المطابق للواقع . ووصف به القرآن الكريم لاشتماله على الأحكام المطابقة للواقع .
ومعنى كون القرآن مصدقا لما مع اليهود وهو التوراة ، أنه يدل على نبوة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . وبهذا كان مؤيدا للتوراة التي بشرت بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وذكرت له نعوتا لا تنطبق إلا عليه ، وبذلك يكون اليهود الذين يدعون الإيمان بما أنزل عليهم كاذبين في دعواهم ، لأنهم لم يؤمنوا بمحمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الذي بشرت به توراتهم وأمرتهم بالإيمان به وأيدها القرآن الكريم في ذلك .
قال صاحب الكشاف : وفي قوله تعالى : * ( وهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ ) * رد لمقالتهم * ( نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا ) * لأنهم إذ كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها » « 2 » .


( 1 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 418 . ( 2 ) تفسير الكشاف بتصرف ج 1 ص 224 .

203

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست