responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 186


اللَّه - تعالى - منها * ( فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ، والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) * .
وقوله تعالى : * ( وقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) * بيان لضرب من ضروب غرورهم وكذبهم ، معطوف على رذائلهم السابقة التي حكاها القرآن الكريم ، إذ الضمير في قوله تعالى ( وقالوا ) يعود على اليهود الذين مر الحديث عنهم ولما ينته بعد .
والمس : اتصال أحد الشيئين بآخر على وجه الإحساس والإصابة . .
والمراد من النار : نار الآخرة . والمراد من المعدودة : المحصورة القليلة ، يقال : شيء معدود أى قليل . وشيء غير معدود أى كثير فهم يدعون أن النار لن تمسهم إلا مدة يسيرة قد تكون سبعة أيام ، وقد تكون أربعين يوما ، وبعدها يخرجون إلى الجنة لأن كل معدود منقض .
ثم أمر اللَّه - تعالى - رسوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يرد عليهم فيما زعموه فقال تعالى : * ( قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّه عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّه عَهْدَه أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّه ما لا تَعْلَمُونَ ) * أى : قل لهم - يا محمد - إن مثل هذا الإخبار الجازم بأن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة ، لا يكون إلا ممن اتخذ عهدا من اللَّه بذلك ، فهل تقدم لكم من اللَّه عهد بأن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة ، فكان الوفاء متحققا ، لأن اللَّه - تعالى - لا يخلف وعده ، أم تقولون على اللَّه شيئا لا علم لكم به .
فالاستفهام للإنكار ، وهو متوجه إلى زعمهم أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم . إن قولكم هذا يحتمل أمرين لا ثالث لهما : إما اتخاذ عهد عند اللَّه به ، وإما القول عليه - سبحانه - بدون علم ، وما دام قد ثبت أن اتخاذ العهد لم يحصل ، إذا أنتم - يا معشر اليهود - كاذبون فيما تدعون من أن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة .
قال الإمام الرازي : قوله تعالى : * ( أَتَّخَذْتُمْ ) * ليس باستفهام بل هو إنكار لأنه لا يجوز أن يجعل اللَّه - تعالى - حجة رسوله في إبطال قولهم أن يستفهمهم بل المراد التنبيه على طريقة الاستدلال ، وهي أنه لا سبيل إلى معرفة هذا التقدير إلا بالسمع ، فلما لم يوجد الدليل السمعي وجب ألا يجوز الجزم بهذا التقدير « 1 » .
وإنما ساق القرآن الكريم الرد عليهم في صورة الاستفهام ، لما فيه من ظهور القصد إلى تقريرهم بأنهم قالوا على اللَّه ما لا يعلمون ، إذ هم لا يستطيعون أن يثبتوا أن اللَّه وعدهم بما ادعوه من أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ، ولا يوجد عندهم نص صحيح من كتابهم يؤيد مدعاهم .


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 3 ص 143 طبعة عبد الرحمن محمد .

186

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست