نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 177
قال الإمام بن جرير : « وقد كان بعض من سلف يزعم أن القوم ارتدوا عن دينهم وكفروا بقولهم لموسى » الآن جئت بالحق « وزعم أن ذلك نفى منهم أن يكون موسى - عليه السلام - أتاهم بالحق في أمر البقرة قبل ذلك ، وأن ذلك كفر منهم ، وليس الأمر كما قال عندنا ، لأنهم قد أذعنوا بالطاعة بذبحها ، وإن كان قولهم الذي قالوه لموسى يعد من جهالاتهم وهفوة من هفواتهم » . ( ب ) ومنها : الدلالة على صحة ما اتفقت عليه الرسل من أولهم إلى خاتمهم من معاد الأبدان ، وقيام الموتى من قبورهم . ( ج ) ومنها : إقامة أنواع الآيات والبراهين والحجج على عباده بالطرق المتنوعات ، زيادة في هداية المهتدى ، وإعذارا وإنذارا للضال : ( د ) ومنها : الإخبار عن قساوة هذه الأمة وغلظها ، وعدم تمكن الإيمان فيها . قال عبد الصمد بن معقل عن وهب : كان ابن عباس يقول « إن القوم بعد أن أحيا اللَّه تعالى - الميت فأخبرهم يقاتله ، أنكروا قتله ، وقالوا : واللَّه ما قتلناه بعد أن رأوا الآيات الحق » . ( ه ) ومنها : مقابلة الظالم الباغي بنقيض قصده شرعا وقدرا ، فإن القاتل قصد ميراث المقتول ، ودافع القاتل عن نفسه ، ففضحه اللَّه - تعالى - وهتكه ، وحرمه ميراث المقتول . ( و ) ومنها : أن بنى إسرائيل فتنوا بالبقرة مرتين من سائر الدواب ففتنوا بعبادة العجل وفتنوا بالأمر بذبح البقرة ، والبقرة من أبلد الحيوان حتى ليضرب به المثل في البلادة . ثم قال الإمام ابن القيم في ختام حديثه عن هذه القصة : والظاهر أن هذه كانت بعد قصة العجل ففي الأمر بذبح البقرة تنبيه على أن هذا النوع من الحيوان الذي لا يمتنع من الذبح والحرث والسقي ، لا يصلح أن يكون إلها معبودا من دون اللَّه ، وأنه إنما يصلح للذبح والحرث والسقي والعمل » « 1 » 5 - دلالتها على قدرة اللَّه - تعالى - فإن إحياء الميت عن طريق الضرب بقطعة من جسم بقرة مذبوحة - دليل على قدرة اللَّه - تعالى - على الإحياء والإماتة وما هذا الضرب إلا وسيلة كشفت للناس عن طريق المشاهدة عن آثار قدرته - تعالى - التي لا يدرون كيف تعمل ، فهم يرون آثارها الخارقة ولكنهم لا يعرفون كنهها ، وصدق اللَّه حيث يقول : فَقُلْنا اضْرِبُوه بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّه الْمَوْتى ويُرِيكُمْ آياتِه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
( 1 ) إغاثة اللهفان ج 2 ص 30 لابن القيم .
177
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 177