responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 174


وجيء ( بثم ) التي هي للترتيب والتراخي . لاستبعاد استيلاء الغلظة والقسوة على قلوبهم بعد أن رأوا الكثير من المعجزات ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم - بعد أن ساق لهم قصة البقرة وما ترتب عليها من منافع وعبر : ومع ذلك كله لم تلن قلوبكم - يا بنى إسرائيل - ولم تفدكم المعجزات : فقست قلوبكم وكان من المستبعد أن تقسوا .
وقوله تعالى : * ( مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) * فيه زيادة تعجيب من إحاطة القساوة بقلوبهم ، بعد توالى النعم ، وتكاثر المعجزات التي أشار القرآن الكريم إلى بعضها في الآيات السابقة .
واسم الإشارة ( ذلك ) مشار به إلى إحياء القتيل بعد ضربه بجزء من البقرة أو إلى جميع النعم والمعجزات الواردة في الآيات السابقة .
و ( أو ) في قوله تعالى : * ( فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) * قيل : للتنويع ، فإن قلوبهم متفاوتة في القسوة ، فمنها ما هو قاس كالحجارة ، ومنها ما هو أشد منها قسوة ، أى : فبعض قلوبكم كالحجارة في صلابتها وبعضها أشد من الحجارة في صلابتها .
وقيل : للتشكيك بالنسبة للمخاطبين ، لا إلى المتكلم ، كأن يقول أحد الناس لآخر ، إن هذه القلوب قسوتها تشبه الحجارة أو تزيد عليها .
والأظهر أن تكون للإضراب على طريقة المبالغة والمعنى : ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة بل هي أشد منها قسوة ، إذ لا شعور فيها يأتى بخير ، والحجارة ليست كذلك .
وشبه - سبحانه - قلوبهم بالحجارة في القسوة ، لأن صلابة الحجر أعرف للناس وأشهر ، حيث إنها محسوسة لديهم ومتعارفة بينهم ولذا جاء التشبيه بها .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت لم قيل أشد قسوة ، وفعل القسوة مما يخرج منه أفعل التفضيل وفعل التعجب ؟ قلت : لكونه أبين وأدل على فرط القسوة ، ووجه آخر ، وهو أن لا يقصد معنى الأقسى ولكن قصد وصف القسوة بالشدة . كأنه قيل اشتدت قسوة الحجارة ، وقلوبهم أشد قسوة « . « 1 » وقوله تعالى : * ( وإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْه الأَنْهارُ ، وإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْه الْماءُ ، وإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّه ) * بيان لفضل الحجارة على قلوبهم القاسية ، قصد به إظهار زيادة قسوة قلوبهم عن الحجارة ، لأن هذا الأمر لغرابته يحتاج إلى بيان سببه .
فكأنه - سبحانه - يقول لهم . إن هذه الحجارة على صلابتها ويبوستها منها ما تحدث فيه المياه خروقا واسعة تتدفق منها الأنهار الجارية النافعة ، ومنها ما تحدث فيه المياه شقوقا مختلفة


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 221 .

174

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست