نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 157
التعريب - أو سموا يهودا حين تابوا من عبادة العجل ، من هاد يهود هودا بمعنى تاب . ومنه ( إنا هدنا إليك ) أى : تبنا . والفرقة الثالثة : هي فرقة النصارى ، جمع نصران بمعنى نصراني ، كندامى وندمان والياء في نصراني للمبالغة ، وهم قوم عيسى - عليه السلام - قيل سموا بذلك لأنهم كانوا أنصارا له ، وقيل إن هذا الاسم مأخوذ من الناصرة وهي القرية التي كان عيسى - عليه السلام - قد نزلها . وأما الفرقة الرابعة : فهي فرقة الصابئين جمع صابئ ، وهو الخارج من دين إلى دين ، يقال : صبا الظلف والناب والنجم - كمنع وكرم - إذا طلع . والمراد بهم الخارجون من الدين الحق إلى الدين الباطل ، وهم قوم يعبدون الكواكب أو الملائكة ، ويزعمون أنهم على دين صابئ بن شيث بن آدم . وذكر القرآن الصابئة في هذا المقام وهم من أبعد الأمم ضلالا . لينبه على أن الإيمان الصحيح والعمل الصالح يرفعان صاحبهما إلى مرتقى الفلاح . حتى ولو سبق له أنه بلغ في الكفر والفجور أقصى غاياته . والإيمان المشار إليه في قوله - تعالى - : * ( مَنْ آمَنَ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ ) * . إلخ ، يفسره بعض العلماء بالنسبة لليهود والنصارى بمعنى صدور الإيمان منهم على النحو الذي قرره الدين الحق ، فمن لم تبلغه منهم دعوة الإسلام ، وكان ينتمى إلى دين صحيح في أصله بحيث يؤمن باللَّه واليوم الآخر ويقدم العمل الصالح على الوجه الذي يرشده إليه دينه ، فله أجره على ذلك عند ربه . أما الذين بلغتهم دعوة الإسلام من تلك الفرق ولكنهم لم يقبلوها فإنهم لا يكونون ناجين من عذاب اللَّه مهما ادعوا بأنهم يؤمنون بغيرها ، لأن الشريعة الإسلامية قد نسخت ما قبلها والرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول : « لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعى » . ويفسرونه - أى الإيمان - بالنسبة للمؤمنين المشار إليهم بقوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا . . ) * على أنه بمعنى الثبات والدوام والإذعان ، وبذلك ينتظم عطف قوله - تعالى - : * ( وعَمِلَ صالِحاً ) * على قوله * ( آمَنَ ) * مع مشاركة هؤلاء المؤمنين لتلك الفرق الثلاث فيما يترتب على الإيمان والعمل الصالح من ثواب جزيل ، وعاقبة حميدة . وبعض العلماء يرى أن معنى * ( مَنْ آمَنَ ) * أى : من أحدث من هذه الفرق إيمانا بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وبما جاء من عند ربه ، قالوا : لأن مقتضى المقام هو الترغيب في دين الإسلام ، وأما بيان من مضى على دين آخر قبل نسخه فلا ملابسة له بالمقام ، فضلا عن أن الصابئين ليس لهم دين تجوز رعايته في وقت من الأوقات .
157
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 157