responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 145


وضوحه ، وأبعد عن التشكيك في إكرام اللَّه لنبيه موسى - عليه السلام - إذ لو كان انفجار الماء من حجر معين لأمكن أن يقولوا : إن تفجير الماء كان لمعنى خاص بالحجر لا لكرامة موسى عند ربه - تعالى - .
والفاء في قوله تعالى : * ( فَانْفَجَرَتْ مِنْه اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ) * كسابقتها للعطف على محذوف تقديره : فضرب فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وقد حذفت هذه الجملة المقدرة لوضوح المعنى .
وكانت العيون اثنتي عشرة عينا لأن بنى إسرائيل كانوا اثنى عشر سبطا ، والأسباط في بنى إسرائيل كالقبائل في العرب . وهم ذرية أبناء يعقوب - عليه السلام - الاثنى عشر ، ففي انفجار الماء من اثنتي عشرة عينا إكمال للنعمة عليهم ، حتى لا يقع بينهم تنازع وتشاجر :
وقال - سبحانه - : * ( فَانْفَجَرَتْ ) * . وقال في سورة الأعراف فَانْبَجَسَتْ والانبجاس خروج الماء بقلة . والانفجار خروجه بكثرة ، ولا تنافى بينهما في الواقع لأنه انبجس أولا . ثم انفجر ثانيا ، وكذا العيون يظهر الماء منها قليلا ثم يكثر لدوام خروجه .
وقوله تعالى : * ( قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ ) * إرشاد وتنبيه إلى حكمة الانقسام إلى اثنتي عشرة عينا أى : قد عرف كل سبط من أسباط بنى إسرائيل مكان شربه ، فلا يتعداه إلى غيره ، وفي ذلك ما فيه من استقرار أمورهم ، واطمئنان نفوسهم ، وعدم تعدى بعضهم على بعض .
وقوله تعالى : * ( كُلُوا واشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّه ) * مقول لقول محذوف تقديره : وقلنا لهم : كلوا واشربوا من رزق اللَّه .
وقد جمع - سبحانه - بين الأكل والشرب - وإن كان الحديث عن الشراب - لأنه قد تقدمه إنزال المن والسلوى ، وقد قيل هنالك : كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ فلما أتبع ذلك بنعمة تفجير الماء لهم اجتمعت المنتان .
وقوله تعالى : * ( ولا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) * تحذير لهم من البطر والغرور واستعمال النعمة في غير ما وضعت له ، بعد أن أذن لهم في التمتع بالطيبات ، لأن النعمة عند ما تكثر قد تنسى العبد حقوق خالقه فيهجر الشريعة ، ويعيث في الأرض فسادا . قال تعالى : كَلَّا إِنَّ الإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآه اسْتَغْنى .
والمعنى : ولا تسعوا في الأرض مفسدين ، وتقابلوا النعم بالعصيان فتسلب عنكم .
قال ابن جرير - رحمه اللَّه - : ( وأصل العثا شدة الإفساد بل هو أشد الإفساد ، يقال منه :

145

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست