نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 144
الاستسقاء : طلب السقيا عند عدم الماء أو حبس المطر ، وذلك عن طريق الدعاء للَّه - تعالى - في خشوع واستكانة ، وقد سأل موسى ربه أن يسقى بنى إسرائيل الماء بعد أن استبد بهم العطش ، عند ما كانوا في التيه ، فعن ابن عباس أنه قال : « كان ذلك في التيه ، ضرب لهم موسى الحجر ، فصارت منه اثنتا عشرة عينا من ماء ، لكل سبط منهم عين يشربون منها « 1 » . وهذه النعمة كانت نافعة لهم في دنياهم لأنها أزالت عنهم الحاجة الشديدة إلى الماء ولولاه لهلكوا ، وكانت نافعة لهم في دينهم لأنها من أظهر الأدلة على وجود اللَّه . وعلى قدرته وعلمه ، ومن أقوى البراهين على صدق موسى - عليه السلام - في نبوته « 2 » . ومعنى الآية الكريمة : واذكروا يا بنى إسرائيل وقت أن أصاب آباءكم العطش الشديد وهم في صحراء مجدبة ، فتوسل إلينا نبيهم موسى - عليه السلام - في خشوع وتضرع أن أمدهم بالماء الذي يكفيهم ، فأجبناه إلى ما طلب ، إذ أوحينا إليه أن اضرب بعصاك الحجر . ففعل ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا بمقدار عدد الأسباط ، وصار لكل سبط منهم مشرب يعرفه ولا يتعداه إلى غيره ، وقلنا لهم : تمتعوا بما من اللَّه به عليكم من مأكول طيب ومشروب هنيء رزقكم اللَّه إياه من غير تعب ولا مشقة ، * ( ولا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) * فتتحول النعم التي بين أيديكم إلى نقم وتصبحوا على ما فعلتم نادمين . وقوله تعالى : * ( وإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِه ) * يفيد أن الذي سأل ربه السقيا هو موسى - عليه السلام - وحده ، لتظهر كرامته عند ربه لدى قومه ، وليشاهدوا بأعينهم إكرام اللَّه - تعالى - له ، حيث أجاب سؤاله ، وفجر الماء لهم ببركة دعائه . واللام في قوله - تعالى - * ( لِقَوْمِه ) * للسببية ، أى لأجل قومه . والفاء في قوله - تعالى - * ( فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ) * ، عطفت الجملة بعدها على محذوف ، والتقدير : فأجبناه إلى ما طلب ، وقلنا اضرب بعصاك الحجر . وال في * ( الْحَجَرَ ) * لتعريف الجنس أى اضرب أى حجر شئت بدون تعيين ، وقيل للعهد ، ويكون المراد حجرا معينا معروفا لموسى - عليه السلام - بوحي من اللَّه تعالى . وقد أورد المفسرون في ذلك آثارا حكم المحققون بضعفها ولذلك لم نعتد بها . والذي نرجحه أنها لتعريف الجنس ، لأن انفجار الماء من أى حجر بعد ضربه أظهر في إقامة البرهان على صدق موسى - عليه السلام - وأدعى لإيمان بنى إسرائيل وانصياعهم للحق بعد
( 1 ) وقيل كان الاستسقاء في البرية ولكن الآثار التي تدل على أنه كان في التيه أصح وأكثر . ( 2 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 100 .
144
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 144