responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 126


خَذْناه وجُنُودَه فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وهُوَ مُلِيمٌ « 1 » ومن تمام النعمة أن اللَّه - تعالى - أهلك مع فرعون كل مناصر له :
وقوله تعالى * ( وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) * أى : أغرقنا آل فرعون وأنتم تشاهدونهم بأعينكم ، فكان ذلك أدعى لليقين بهلاك عدوكم ، وأبلغ في الشماتة به ، وأرجى لشكر النعمة - ولا شك أن مشاهدة المنعم عليه للنعمة فيها لذة كبرى ، ورؤيته لهلاك عدوه فيها عبرة عظمى ، ومعاينته لانفراق البحر فيها تقوية لإيمانه ، وتثبيت ليقينه ، إذا كانوا ممن يحسنون الانتفاع بما يشاهدون .
قال الإمام الرازي ما ملخصه : ( اعلم أن هذه الواقعة - أى واقعة فلق البحر - تضمنت نعما كثيرة على بنى إسرائيل في الدين والدنيا ، أما نعم الدنيا فمن وجوه :
أولها : أنهم لما اقتربوا من البحر أصبحوا في موقف حرج ، لأن فرعون وجنوده من ورائهم والبحر من أمامهم ، فإن هم توقفوا أدركهم عدوهم وأهلكهم ، وإن هم تقدموا أغرقوا .
فحصل لهم خوف عظيم ، جاءهم بعده الفرج بانفلاق البحر وهلاك عدوهم .
ثانيها : أن اللَّه - تعالى - خصهم بهذه النعمة العظيمة والمعجزة الباهرة تكريما ورعاية لهم .
ثالثها : أنهم بإغراق فرعون وآله تخلصوا من العذاب ، وتم لهم الأمن والاطمئنان ، وذلك نعمة عظمى ، لأنهم لو نجوا دون هلاك فرعون لبقي خوفهم على حاله ، فقد يعود لتعذيبهم مستقبلا ، لأنهم لا يأمنون شره ، فلما تم الغرق تم الأمان والاطمئنان لبنى إسرائيل .
أما نعم الدين فمن وجوه :
أولها : أن قوم موسى لما شاهدوا تلك المعجزة الباهرة . زالت عن قلوبهم الشكوك والشبهات ، لأن دلالة مثل هذا المعجز على وجود الصانع الحكيم وعلى صدق موسى ، تقترب من العلم الضروري .
ثانيها : أنهم لما شاهدوا ذلك صار داعيا لهم على الثبات والانقياد لأوامر نبيهم .
ثالثها : أنهم عرفوا أن الأمور كلها بيد اللَّه ، فإنه لا عز في الدنيا أكمل مما كان لفرعون ، ولا ذل أشد مما كان لبنى إسرائيل ، ثم إن اللَّه - تعالى - في لحظة واحدة جعل العزيز ذليلا ، والذليل عزيزا ، والقوى ضعيفا ، والضعيف قويا ، وذلك يوجب انقطاع القلب عن علائق الدنيا ، والإقبال كلية على اتباع أوامر الخالق - عز وجل - « 2 » .
هذا ، ونعمة فرق البحر لبنى إسرائيل ، وإنجائهم من عدوهم قد تكرر ذكرها في القرآن ،


( 1 ) سورة الذاريات الآية 40 . ( 2 ) تفسير الرازي بتصريف ج 1 ص 360 .

126

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست