نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 125
هربا من فرعون وجنده ؟ بذلك تمت لكم النجاة ، وحصل الغرق لأعدائكم ، وقت أن عبروا وراءكم وقد شاهدتموهم والبحر يلفهم بأمواجه ، مشاهدة لا لبس فيها ولا غموض . ولقد كان فيما رأيتم ما يدعو إلى الاتعاظ ، ويحمل على الشكر الجزيل للَّه العزيز الرحيم . فالآية الكريمة تشير إلى قصة نجاة بنى إسرائيل وغرق فرعون وقومه ، وملخصها : أن اللَّه - عز وجل أوحى إلى نبيه - موسى - عليه السلام - أن يرحل ببني إسرائيل ليلا من أرض مصر التي طال عذابهم فيها إلى أرض فلسطين ، ونفذ موسى - عليه السلام - ما أمره به اللَّه - تعالى - وعلم فرعون أن موسى وقومه قد خرجوا إلى أرض الشام ، فتبعهم بجيش كبير ، وأدركهم مع طلوع الشمس قرب ساحل البحر الأحمر ، وأيقن بنو إسرائيل عند ما رأوه أنه مهلكهم لا محالة . ولجئوا إلى موسى - عليه السلام - يشكون إليه خوفهم وفزعهم ، ولكنه رد عليهم بقوله : إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ وأوحى اللَّه إليه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فضربه فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ وأمر موسى - عليه السلام - بنى إسرائيل أن يعبروا فعبروا بين فرقى الماء دون أن يمسهم أذى . واقتفى فرعون وجنوده أثرهم طمعا في إدراكهم وعند ما عبر بنو إسرائيل البحر ولم يبق منهم أحد بين المياه المنحسرة ، كان فرعون وجنده ما زالوا بين فرقى البحر ، فأطبق عليهم وعاد كما كان أولا ، فغرقوا جميعا ، وبنو إسرائيل ينظرون إليهم في دهشة وسرور . وأسند - سبحانه - فرق البحر إلى ذاته الكريمة . ليدل على أن القوم عبروه وقطعوه وهم بعنايته ، وقوله تعالى : * ( فَأَنْجَيْناكُمْ وأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ ) * بيان للمنة العظمى التي امتن بها عليهم ، والتي ترتبت على فرق البحر ، لأن فرق البحر لهم ترتب عليه أمران . أولهما : نجاتهم . وثانيهما : إهلاك عدوهم وكلاهما نعمة عظيمة . والإيمان الصحيح يقضى بأن تفهم واقعة انفصال البحر لموسى وقومه على أنها معجزة كونية له ، وقد زعم البعض أنها كانت حادثة طبيعية منشؤها المد والجزر ، وهو زعم لا سند له ولا دليل عليه . واقتصرت الآية هنا على ذكر إغراق آل فرعون أى جنده وأنصاره ، وصرحت آيات أخرى بغرقه مع آله ، من ذلك قوله تعالى : فَأَغْرَقْناه ومَنْ مَعَه جَمِيعاً « 1 » وقوله تعالى :
( 1 ) سورة الإسراء الآية 103 .
125
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 125