responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 122


العذاب وأصعبه ، ويبغونكم ما فيه إذلال لكم واستئصال لأعقابكم ، وامتهان لكرامتكم ، حيث كانوا يزهقون أرواح ذكوركم ، ويستبقون نفوس نسائكم ، وفي ذلكم العذاب ، وفي النجاة منه امتحان لكم بالسراء لتشكروا ، ولتقلعوا عن السيئات التي تؤدى بكم إلى الإذلال في الدنيا ، والعذاب في الأخرى .
قال الإمام الرازي - رحمه اللَّه - ما ملخصه : واعلم أن الفائدة في ذكر هذه النعمة - أى نعمة إنجائهم من عدوهم - يتأتى من وجوه أهمها :
1 - أن هذه الأشياء التي ذكرها اللَّه - تعالى - لما كانت من أعظم ما يمتحن به الناس من جهة الملوك والظلمة ، صار تخليص اللَّه - عز وجل - لهم من هذه المحن من أعظم النعم ، وذلك لأنهم عاينوا هلاك من حاول إهلاكهم ، وشاهدوا ذل من بالغ في إذلالهم ، ولا شك في أن ذلك من أعظم النعم ، وعظم النعمة يوجب المبالغة في الطاعة والبعد عن المعصية ، لذا ذكر اللَّه هذه النعمة العظيمة ليلزمهم الحجة ، وليقطع عذرهم .
2 - أنهم لما عرفوا أنهم كانوا في نهاية الذل . وكان عدوهم في نهاية العز ، إلا أنهم كانوا محقين ، وكان خصمهم مبطلا ، لا جرم زال ذل المحقين ، وبطل عز المبطلين ، فكأنه تعالى يقول لهم : لا تغتروا بكثرة أموالكم ولا بقوة مركزكم ، ولا تستهينوا بالمسلمين لقلة ذات يدهم ، فإن الحق إلى جانبهم . ومن كان الحق إلى جانبه ، فإن العاقبة لا بد أن تكون له ) أه « 1 » وخوطب بهذه النعمة اليهود الذين كانوا في زمن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم ومع أن هذا الاتجاء كان لأسلافهم ، لأن في نجاة أسلافهم نجاة لهم ، فإنه لو استمر عذاب فرعون للآباء لأفناهم ، ولما بقي هؤلاء الأبناء ، فلذلك كانت منة التنجية تحمل في طياتها منتين ، منة على السلف لتخليصهم مما كانوا فيه من عذاب ومنة على الخلف لتمتعهم بالحياة بسببها ، فكان من الواجب عليهم جميعا أن يقدروا هذه النعمة قدرها ، وأن يخلصوا العبادة لخالقهم الذي أنجاهم من عدوهم . ولأن الإنعام على أمة يعتبر إنعاما شاملا لأفرادها سواء منهم من أصابه ذلك الإنعام ومن لم يصبه . لأن الآثار التي تترتب عليه كثيرا ما يرثها الخلف عن السلف ، ولأن في إخبارهم بذلك تصديقا للنبي - عليه الصلاة والسلام - فيما يبلغه عن ربه ، فقد أخبرهم بتاريخ من مضى منهم بصدق وأمانة ، وفي ذلك دليل على أنه صادق في نبوته ورسالته .
وجعلت النجاة هنا من آل فرعون ولم تجعل منه ، مع أنه الآمر بتعذيب بنى إسرائيل ، للتنبيه على أن حاشيته وبطانته كانت عونا له في إذاقتهم سوء العذاب ، وإنزال الإذلال والإعنات بهم .


( 1 ) تفسير الرازي ج 1 ص 360 .

122

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست