نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 120
إنما هي لمن مات على كفره غير تائب إلى اللَّه - عز وجل - « ه « 1 » . ثم وصف اليوم بوصف ثالث فقال تعالى : * ( ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ) * . العدل : العوض والفداء . سمى بالمصدر لأن الفادي يعدل المفدى بمثله في القيمة أو العين ويسويه به . يقال : عدل كذا بكذا : أى سواه به . والمعنى : لا يؤخذ منها فداء أو بدل في ذلك اليوم إن هي استطاعت إحضاره على سبيل الفرض والتقدير . ثم وصفه بوصف رابع فقال تعالى : * ( ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ) * والنصر هو الإعانة في الحرب وغيره بقوة الناصر ، وقدم المسند إليه لزيادة التأكيد المفيد أن انتفاء نصرهم محقق . فضلا عما استفيد من نفى الفعل وإسناده للمجهول وجاء الضمير في قوله تعالى : * ( ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ) * جمعا مع أنه عائد على النفس وهو قوله تعالى : * ( لا تَجْزِي نَفْسٌ ) * لأن النكرة إذا وقعت في سياق النفي تناولت كل فرد من أفرادها ، وبهذا صارت في معنى الجمع ، وصح أن يعود عليها ضمير الجمع وهو ( هم ) . والمعنى . أنهم لا يجدون من يعينهم ويمنعهم من عذاب اللَّه يوم القيامة . ولما كان اليهود يعتقدون أنهم شعب مميز ، وأن نسبتهم إلى الأنبياء ستجعلهم في مأمن من العقاب رغم عصيانهم وفسوقهم ، وأن آباءهم سيشفعون لهم . . . لما كانوا كذلك جاءت هذه الآية الكريمة لتبطل ما اعتقدوه ، وتقطع ما أمّلوه ، ولتنقض كل ما يحتمل أن يكون وسيلة للنجاة يوم القيامة سوى الإيمان والعمل الصالح . فقد نفت الآية الكريمة وجود من ينوب عنهم بقولها * ( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) * . ونفت انتفاعهم بشفاعة الشافعين يوم الحساب بقولها ( ولا يقبل منها شفاعة ) . ونفت قبول البدل أو الفداء عما ارتكبوه من خطايا بقولها * ( ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ) * . ونفت وجود من ينتصر لهم أو يدافع عنهم بقولها * ( ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ) * . وهكذا سدت عليهم الآية الكريمة كل منفذ يتوهمون نجاتهم من عذاب اللَّه بسببه ، ما داموا مصرين على كفرهم وجحودهم . هذا ، وقد اشتملت هاتان الآيتان على أسلوب حكيم في التوجيه ، وطريقة فريدة في الإرشاد ، جمعت بين الترغيب والترهيب ، فإن الآية الأولى ابتدأت بندائهم باسم أبيهم
( 1 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 268 .
120
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 120