نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 88
وبعد أن عدد القرآن مساوئ أولئك الضالين ، وبين سوء مصيرهم ، ومآلهم ، وجه إليهم الإنكار والتوبيخ فخاطبهم بقوله : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 28 الى 29 ] كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّه وكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْه تُرْجَعُونَ ( 28 ) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 29 ) * ( كَيْفَ ) * اسم استفهام للسؤال عن الأحوال ، وليس المراد به هنا استعلام المخاطبين عن حال كفرهم ، وإنما المراد منه معنى تكثر تأديته في صورة الاستفهام وهو الإنكار والتوبيخ ، كما تقول لشخص : كيف تؤذى أباك وقد رباك ؟ لا تقصد إلا أن تنكر عليه أذيته لأبيه وتوبيخه عليها . وفي الآية الكريمة التفات من الغيبة إلى الخطاب لزيادة تقريعهم والتعجب من أحوالهم الغريبة ، لأنهم معهم ما يدعو إلى الإيمان ومع ذلك فهم منصرفون إلى الكفر . وقوله : * ( وكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ) * جار مجرى التنبيه على أن كفرهم ناشئ عن جهل وعدم تأمل في أدلة الإيمان القائمة أمام أعينهم . والأموات : جمع ميت بمعنى المعدوم . والإحياء : بمعنى الخلق . والمعنى : كيف تكفرون باللَّه وحالكم أنكم كنتم معدومين فخلقكم ، وأخرجكم إلى الوجود كما قال - تعالى - : هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً . ويصح أن يفسر الأموات بمعنى فاقدى الحياة . والإحياء بنفخ الروح فيهم فيكون المعنى : وكنتم أمواتا يوم استقراركم نطفا في الأرحام إلى تمام الأطوار بعدها ، فنفخ فيكم الأرواح وأصبحتم في طور إحساس وحركة وتفكير وبيان . وبعد أن وبخهم على كفرهم بمن أخرجهم من الموت إلى الحياة ، أورد جملا لاستيفاء الأطوار التي ينتقل فيها الإنسان من مبدأ الحياة إلى مقره الخالد في دار نعيم أو عذاب فقال : * ( ثُمَّ
88
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 88