نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 67
الصواعق : جمع صاعقة من الصعق وهو شدة الصوت الذي يصحبه - غالبا - قطعة من نار لا تأتى على شيء إلا أهلكته . ( ومن ) في قوله - تعالى - : * ( مِنَ الصَّواعِقِ ) * للتعليل . وإنما كانت الصواعق داعية إلى سدهم آذانهم بأصابعهم ، من جهة أنها قد تفضى بصوتها الهائل إلى الموت ، وجاء هذا مصرحا به في قوله - تعالى - * ( حَذَرَ الْمَوْتِ ) * . والمعنى : يسدون آذانهم من أجل الصواعق خوفا من أن تقتلهم بشدة صوتها . ومن المعروف أن الذي يجعل في الآذان عند الفزع بعض الأصابع لا كلها ، إلا أنه عبر بالأصابع مبالغة في فرط فزعهم وشدة اضطرابهم ، ومسايرة للمألوف في اللغة من نسبة ما يكون لبعض الشيء إلى ذلك الشيء ، حيث يكون المراد جليا واضحا . وهو مجاز مرسل من باب إطلاق الكل وإرادة البعض . وقوله : * ( حَذَرَ الْمَوْتِ ) * يدل على أنهم لم يموتوا من تلك المفزعات وهذه المروعات . إمدادا في عذابهم . ومطاولة في نكالهم . وقوله - تعالى - : * ( واللَّه مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ) * جملة معترضة في أثناء ضرب المثل بذوي الصيب . وإحاطته - سبحانه - بالكافرين على معنى أنهم لا مهرب لهم منه ، فهو محيط بهم إحاطة تامة وهو قادر على النكال بهم متى شاء وكيف شاء . ولم يقل محيط بهم مع تقدم مرجع الضمير وهو أصحاب الصيب ، إيذانا بأنهم إنما استحقوا ذلك العذاب بكفرهم . ثم قال - تعالى - : * ( يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ ) * . يكاد من الأفعال التي تدخل على اسم يسند اليه فعل بعده نحو * ( الْبَرْقُ يَخْطَفُ ) * . فتدل على أن المسند إليه وهو البرق قد قارب أن يقع منه الفعل وهو خطف الأبصار . والخطف : الأخذ بسرعة . والأبصار : جمع بصر ، وهو قوة مودعة في العين يدرك بها الألوان والأشكال . والمعنى : أن البرق لشدة لمعانه يقرب من أن يخطف أبصارها ، وهو تصوير بليغ لشدة ذلك البرق ، وترك بيان شدة الرعد اكتفاء بما ذكره في جانب البرق ، ولم يذكر توقيهم للأعين بوضع شيء عليها اكتفاء بما ذكره في توقى الآذان أو لأنهم شغلوا بالآذان عن الأعين . وقوله - تعالى - : * ( كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيه وإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ) * وصف رائع لما يصنعه
67
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 67