responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 660


ثم بين - سبحانه - بعض مظاهر رحمته بعباده فقال : * ( لا يُكَلِّفُ اللَّه نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ) * والوسع - كما يقول الزمخشري - : ما يسع الإنسان ، ولا يضيق عليه ، ولا يحرج فيه ، أى لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقه ، ويتيسر عليه دون مدى الطاقة والمجهود . وهذا إخبار عن عدله . ورحمته كقوله - تعالى - : يُرِيدُ اللَّه بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ لأنه كان في إمكان الإنسان وطاقته أن يصلَّى أكثر من الخمس ، ويصوم أكثر من الشهر ، ويجمع أكثر من حجة « 1 » .
فالجملة الكريمة تحكى لنا بعض مظاهر فضل اللَّه علينا ورحمته بنا ، حيث كلفنا بما تسعه قدرتنا ، وتستطيعه نفوسنا ، وقد حكى القرآن هذا المعنى في آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - :
ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقوله - تعالى - : يُرِيدُ اللَّه أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وخُلِقَ الإِنْسانُ ضَعِيفاً .
وإذا كانت بعض التكاليف التي كلفنا اللَّه بها فيها مشقة ، فإن هذه المشقة محتملة وفي وسع الإنسان وقدرته وطاقته ، وسيثيبنا اللَّه - تعالى - عليها ثوابا جزيلا ، فهو القائل : إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ .
ثم بين - سبحانه - أن كل نفس ستجازى بما عملت فقال : * ( لَها ما كَسَبَتْ وعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ) * أى لها وحدها ثواب ما كسبت من حسنات بسبب أعمالها الصالحة ، وعليها وحدها عقاب ما اكتسبت من سيئات بسبب أعمالها القبيحة .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم خص الخير بالكسب ، والشر بالاكتساب ؟ قلت . في الاكتساب اعتمال ، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس وهي منجذبة إليه وأمارة به ، كانت في تحصيله أعمل وأجد ، فجعلت لذلك مكتسبة فيه ، ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال » « 2 » .
وقال الأستاذ الإمام محمد عبده : « لا شك أن الميل إلى الخير مما أودع في نفس الإنسان ، والإنسان يفعل الخير بطبعه وتكون فيه لذته . ولا يحتاج إلى تكلف في فعل الخير ، لأنه يعلم أن كل أحد يرتاح إليه ويراه بعين الرضا وأما الشر فإنه يعرض للنفس بأسباب ليست من طبيعتها ولا من مقتضى فطرتها ومهما كان الإنسان شريرا فإنه لا يخفى عليه أن الشر ممقوت عند الناس وصاحبه مهين عندهم . . وهكذا شأن الإنسان عند اقتراف كل شر يشعر في نفسه بقبحه ، ويجد


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 332 . ( 2 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 332 .

660

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 660
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست