responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 63


إذ من المعروف عند علماء البلاغة أن اسم الإشارة إذا أشير به إلى أشخاص وصفوا بصفات يلاحظ فيه تلك الصفات ، فهو بمنزلة إعادة ذكرها وإحضارها في أذهان المخاطبين . فتكون تلك الصفات ، وهي هنا الكذب والمخادعة وما عطف عليها ، كأنها ذكرت في هذه الآية مرة أخرى ليعرف بها علة الحكم الوارد بعد اسم الإشارة ، وهو هنا اشتراء الضلالة بالهدى . أى :
اختيارها . واستبدالها به .
وعبرت الآية بالاشتراء على سبيل الاستعارة ليتحدد مقدار رغبتهم في الضلالة ، وزهدهم في الهدى ، فإن المشترى في العادة يكون شديد الرغبة فيما يشترى ، رغبة تجعله شديد الزهد فيما يبذله من ثمن . فهم راغبون في الضلالة ، زاهدون في الهدى .
وقوله تعالى : * ( أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى ) * لا يقتضى أنهم كانوا على هدى من ربهم فتركوه ، بل يكفى فيه أن يجعل تمكنهم من الهدى لقيام أدلته . بمنزلة الهدى الحاصل بالفعل .
ثم بين سبحانه نتيجة أخذهم الضلالة وتركهم الهدى فقال :
* ( فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ ) * أى : أنهم لم يحصلوا من اشترائهم الضلالة بالهدى على الربح ، وإذا كانت التجارة الحقيقية قد يفوت صاحبها الربح ، ولكنه لا يقع في خسارة بأن يبقى له رأس ماله محفوظا ، فإن التجارة المقصودة من الآية هي استبدال الضلالة بالهدى ، لا يقابل الربح فيها إلا الخسران ، فإذا نفى عنها الربح فذلك يعنى أنها تجارة خاسرة .
ثم قال - تعالى - : * ( وما كانُوا مُهْتَدِينَ ) * أى : وما كانوا مهتدين إلى سبيل الرشاد وما تتجه إليه العقول الراجحة من الدين الحق ، وما كانوا مهتدين إلى طرق التجارة الرابحة ، فهم أولا لم يربحوا في تجارتهم بل خسروها ، وهم ثانيا ذهب نور الهدى من حولهم فبقوا في ظلمة الضلال .
وما أوجع أن يجتمع على التاجر خسارته وتورطه ، وما أوجع أن يجتمع عليه أن ينقطع عن غايته ، وأن يكون في ظلمة تعوقه عن التبصر .
وبعد أن وصف اللَّه تعالى حال المنافقين في الآيات السابقة ، ساق مثلين لتوضيح سوء تصرفهم ، وشدة حيرتهم واضطرابهم . فقال تعالى :
[ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 17 الى 20 ] مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَه ذَهَبَ اللَّه بِنُورِهِمْ وتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ( 17 ) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ( 18 ) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيه ظُلُماتٌ ورَعْدٌ وبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللَّه مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ( 19 ) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيه وإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ولَوْ شاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 20 )

63

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست