responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 629


غرضك التنبيه على مذمة الثاني . فالأمر هنا كذلك لأن قوله : * ( لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ) * بعد قوله : * ( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ) * الغرض منه بيان مباينة أحد الجنسين عن الآخر في استيجاب المدح والتعظيم » « 1 » .
هذا وقد وردت أحاديث متعددة تمدح المتعففين عن السؤال ، وتذم الملحفين فيه ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبى هريرة قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ولا التمرة والتمرتان إنما المسكين الذي يتعفف . اقرؤا إن شئتم : * ( لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ) * .
وروى مسلَّم في صحيحه عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى اللَّه وليس في وجهه مزعة لحم » .
وروى مسلَّم - أيضا - في صحيحه عن عوف بن مالك قال : كنا تسعة أو ثمانية أو سبعة عند رسول اللَّه فقال : « ألا تبايعون رسول اللَّه ؟ فقلنا علام نبايعك ؟ قال : أن تعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئا . والصلوات الخمس ، وتطيعوا ولا تسألوا الناس . فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه » .
والخلاصة أن السؤال إنما يجوز عند الضرورة ، وأنه لا يصح لمؤمن أن يسأل الناس وعنده ما يكفيه ، لأن السؤال ذل يربأ بنفسه عنه كل من يحافظ على مروءته وكرامته وشرفه .
وقوله : * ( وما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّه بِه عَلِيمٌ ) * تحريض للمؤمن على البذل والسخاء ، وترقية لنفسه على الشعور بمراقبة اللَّه - تعالى - وعلى محبة فعل الخير .
أى : وما تنفقوا من خير سواء أكان المنفق قليلا أم كثيرا سرا أم علنا فإن اللَّه يعلمه وسيجازيكم عليه بأجزل الثواب ، وأعظم العطاء .
ثم ختم - سبحانه - الحديث عن النفقة والمنفقين بقوله : * ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * .
وقوله : * ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً ) * استئناف المقصود منه مدح أولئك الذين يعممون صدقاتهم في كل الأزمان وفي كل الأحوال فهم يتصدقون على المحتاجين في الليل وفي النهار ، في الغدو وفي الآصال ، في السر وفي العلن ، في كل وقت وفي كل حال ، لأنهم لقوة إيمانهم ، وصفاء نفوسهم يحرصون كل الحرص على كل ما يرضى اللَّه تعالى .


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 7 ص 87 .

629

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 629
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست