نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 625
صار يعبر عن الشرف بهذا اللفظ ، وأيضا فإن قولك : فعلت هذا الفعل لوجهه يدل على أنك فعلت الفعل له فقط وليس لغيره فيه شركة « 1 » . ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( وما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) * أى : أن ما تنفقونه من خير - أيها المؤمنون ستعود عليكم ثماره ومنافعه في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فإنكم بسبب هذا الانفاق تزكو أموالكم ، وتحسن سيرتكم بين الناس ، وأما في الآخرة فإنكم تنالون من خالقكم ورازقكم أجزل الثواب ، وأفضل الدرجات . وقوله : * ( وأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) * أى لا تنقصون شيئا مما وعدكم اللَّه به على نفقتكم في سبيله . قال الجمل . وهاتان الجملتان أى قوله - تعالى - * ( وما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ) * وقوله : * ( وأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) * تأكيد للجملة الشرطية الأولى وهي قوله : * ( وما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ ) * . وقوله : * ( وأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) * جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب على الحال من الضمير في * ( إِلَيْكُمْ ) * فالعامل فيها * ( يُوَفَّ ) * وهي تشبه الحال المؤكدة لأن معناها مفهوم من قوله : * ( يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ) * لأنهم إذا وفوا حقوقهم لم يظلموا . ويجوز أن تكون مستأنفة لا محل لها من الإعراب أخبرهم فيها أنه لا يقع لهم ظلم فيندرج فيه توفية أجورهم بسبب إنفاقهم في طاعة اللَّه - تعالى - اندراجا أوليا » « 2 » . هذا ، والذي يتدبر هذه الآية الكريمة يراها من أجمع الآيات التي وردت في الحض على بذل المال في وجوه الخير ، فقد كرر فيها فعل * ( تُنْفِقُونَ ) * ثلاث مرات لمزيد الاهتمام بمدلوله ، وجيء به مرتين بصيغة الشرط عند قصد بيان الملازمة بين الإنفاق والثواب ، وجاءت كل جملة منها مستقلة ببعض الأحكام لكي يسهل حفظها وتأملها فتجرى على الألسنة مجرى الأمثال وتتناقلها الأمم والأجيال . ثم بعد هذا التحريض الحكيم على بذل الأموال في وجوه الخير ، خص - سبحانه - بالذكر طائفة من المؤمنين هي أولى الناس بالعون والمساعدة ، ووصف هذه الطائفة بست صفات من شأنها أن تحمل العقلاء على المسارعة في إكرام أفرادها وسد حاجتهم . استمع إلى القرآن الكريم وهو يصور حالة هذه الطائفة من المؤمنين تصويرا كريما نبيلا يستجيش المشاعر ، ويحرك القلوب لمساعدة هذه الطائفة المتعففة فيقول : * ( لِلْفُقَراءِ ، الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّه ، لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ ، يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ، تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ ، لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ) * .
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 7 ص 83 . ( 2 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 ص 255 . بتصرف يسير .
625
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 625