نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 607
المصحوبة بالأذى فلا يقبلها . * ( حَلِيمٌ ) * فلا يعجل بالعقوبة على مستحقها ، فهو - سبحانه - يمهل ولا يهمل . والجملة الكريمة تذييل لما قبله مشتملة على الوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب . وقوله - تعالى - : * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ والأَذى ) * نداء منه - سبحانه - للمؤمنين يكرر فيه نهيهم عن المن والأذى ، لأنهما يؤديان إلى ذهاب الأجر من اللَّه - تعالى - وإلى عدم الشكر من الناس ولذا جاء في الحديث الشريف : « إياكم والامتنان بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر » . ثم أكد - سبحانه - هذا النهى عن المن والأذى بذكر مثلين فقال في أولهما : * ( كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَه رِئاءَ النَّاسِ ولا يُؤْمِنُ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ ) * . والمعنى : يا من آمنتم باللَّه - تعالى - لا تبطلوا صدقاتكم بأن تحبطوا أجرها ، وتمحقوا ثمارها ، بسبب المن والأذى ، فيكون مثلكم في هذا الإبطال لصدقاتكم بسبب ما ارتكبتم من آثام ، كمثل المنافق الذي ينفق ماله من أجل أن يرى الناس منه ذلك ولا يبغى به رضاء اللَّه ولا ثواب الآخرة ، لأنه كفر باللَّه ، وكفر بحساب الآخرة . وفي هذا التشبيه تنفير شديد من المن والأذى لأنه - سبحانه - شبه حال المتصدق المتصف بهما في إبطال عمله بسببهما بحال هذا المنافق المرائى الذي لا يؤمن باللَّه واليوم الآخر . وقوله : * ( كَالَّذِي . . ) * الكاف في محل نصب على أنها نعت لمصدر محذوف أى : لا تبطلوها إبطالا كابطال الذي ينفق ماله رئاء الناس . . . أو في محل نصب على الحال من فاعل * ( تُبْطِلُوا ) * أى لا تبطلوها مشابهين الذي ينفق ماله رئاء الناس . وقوله : * ( رِئاءَ ) * منصوب على أنه مفعول لأجله أى : كالذي ينفق ماله من أجل رئاء الناس . وأما المثال الثاني فقال - سبحانه - : * ( فَمَثَلُه كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْه تُرابٌ فَأَصابَه وابِلٌ فَتَرَكَه صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ) * . الصفوان اسم جنس جمعى واحده صفوانة كشجر وشجرة وهو الحجر الكبير الأملس ، مأخوذ من الصفاء وهو خلوص الشيء مما يشوبه . يقال : يوم صفوان أى صافى الشمس . وقيل هو مفرد كحجر . والوابل المطر الشديد . يقال : وبلت السماء تبل وبلا ووبولا . اشتد مطرها والصلد هو الشيء الأجرد النقي من التراب الذي كان عليه . ومنه رأس أصلد إذا كان لا ينبت شعرا ، والأصلد الأجرد الذي لا ينبت شيئا مأخوذ من صلد يصلد صلدا فهو صلد .
607
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 607