responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 599


بمعنى أن أحدهما لا يكتفى به عن الآخر فصارا بمنزلة شيء واحد ، فكأنه قال : انظر إلى غذائك .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَه قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) * أى :
فلما تبين له بالأدلة الناصعة ، وبالمشاهدة الحسية قدرة اللَّه - تعالى - على الإحياء والإماتة ، وعلى البعث والنشور قال أعلم أى أستيقن وأومن وأعتقد أن اللَّه - تعالى - على كل شيء قدير ، وأنه - سبحانه - لا يعجزه شيء . والفاء في قوله : * ( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَه . . . ) * عاطفة على مقدر يستدعيه المقام فكأنه قيل : رفع اللَّه العظام من أماكنها وأكساها لحما فلما تبين له ذلك ، وتيقنه قال أعلم أن اللَّه على كل شيء قدير . وفاعل * ( تَبَيَّنَ ) * مضمر يفسره سياق الكلام والتقدير : فلما تبين له كيفية الإحياء أو فلما تبين له ما أشكل عليه من أمر إحياء الموتى قال أعلم أن اللَّه على كل شيء قدير .
تلك هي القصة الأولى التي ساقها اللَّه - تعالى كدليل على قدرته وعلى صحة البعث والنشور . أما القصة الثانية التي تؤكد هذا المعنى فقد حكاها القرآن في قوله : * ( وإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ) * أى : واذكر أيها العاقل لتعتبر وتتعظ وقت أن قال إبراهيم - عليه السلام - مخاطبا خالقه - سبحانه - : رب أرنى بعيني كيف تعيد الحياة إلى الموتى .
وفي قوله : ( رب ) تصريح بكمال أدبه مع خالقه - عز وجل - فهو قبل أن يدعوه يستعطفه ويعترف له بالربوبية الحقة ، والألوهية التامة ، ويلتمس منه معرفة كيفية إحياء الموتى ، فهو لا يشك في قدرة اللَّه ولا في صحة البعث - وحاشاه أن يفعل ذلك - فهو رسول من أولى العزم من الرسل ، وإنما هو يريد أن ينتقل من مرتبة علم اليقين إلى عين اليقين ، ومن مرتبة البرهان إلى مرتبة العيان ، فإن العيان يغرس في القلب أسمى وأقوى ألوان المعرفة والاطمئنان .
وقد ذكر المفسرون لسؤال إبراهيم - عليه السلام - أسبابا منها : أنه لما قال للنمرود * ( رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ ) * أحب أن يترقى بأن يرى ذلك مشاهدة . وقد أجاب الخالق - عز وجل - على طلب إبراهيم بقوله : * ( أَولَمْ تُؤْمِنْ ) * أى : أتقول ذلك وتطلبه ولم تؤمن بأنى قادر على الإحياء وعلى كل شيء ؟
فالجملة الكريمة استئناف مبنى على السؤال ، وهي معطوفة على مقدر ، والاستفهام للتقرير .
وهنا يحكى القرآن جواب إبراهيم على خالقه - عز وجل - فيقول : * ( قالَ بَلى ولكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) * . أى قال إبراهيم في الرد على سؤال ربه له * ( أَولَمْ تُؤْمِنْ ) * ؟ بلى يا رب آمنت بك وبقدرتك وبوحدانيتك إيمانا صادقا كاملا ، ولكني سألت هذا السؤال ليزداد قلبي سكونا واطمئنانا وإيمانا لأن من شأن المشاهدة أن تغرس في القلب سكونا واطمئنانا أشد ، وإيمانا

599

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 599
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست