responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 600


أقوى ، وأنا في جميع أحوالى مؤمن كل الإيمان بقدرتك ووحدانيتك يا رب العالمين .
قال القرطبي ما ملخصه : لم يكن إبراهيم شاكا في إحياء اللَّه الموتى قط وإنما طلب المعاينة ، وذلك أن النفوس مستشرفة إلى رؤية ما أخبرت به ، ولهذا جاء في الحديث ( ليس الخبر كالمعاينة ) ، قال الأخفش : لم يرد إبراهيم رؤية القلب وإنما أراد رؤية العين . وقال الحسين :
سأل ليزداد يقينا إلى يقينه .
وأما قول الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : نحن أحق بالشك من إبراهيم فمعناه أنه لو كان شاكا لكنا نحن أحق بالشك منه ، ونحن لا نشك فإبراهيم - عليه السلام - أحرى ألا يشك ، فالحديث مبنى على نفى الشك عن إبراهيم . . وإذا تأملت سؤاله - عليه السلام - وسائر ألفاظه الآتية لم تعط شكا ، وذلك أن الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حالة شيء موجود متقرر الوجود عند السائل والمسئول ، وكيف هنا إنما هي استفهام عن هيئة الإحياء والإحياء متقرر ، - فسؤال إبراهيم إنما هو عن الكيفية لا عن أصل القضية . . » « 1 » .
وقال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قال له * ( أَولَمْ تُؤْمِنْ ) * وقد علم أنه أثبت الناس إيمانا ؟ قلت : ليجيب بما أجاب به لما فيه من الفائدة الجليلة للسامعين . و * ( بَلى ) * إيجاب لما بعد النفي معناه : بلى آمنت . وقوله : * ( ولكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) * أى ليزداد سكونا وطمأنينة بمضامة علم الضرورة - أى علم المشاهدة - إلى علم الاستدلال الذي يجوز معه التشكيك بخلاف العلم الضروري ، فأراد بطمأنينة القلب العلم الذي لا مجال فيه للتشكيك . فإن قلت : بم تعلقت اللام في قوله : * ( لِيَطْمَئِنَّ ) * قلت بمحذوف تقديره : ولكن سألت ذلك إرادة طمأنينة القلب » « 2 » .
ثم حكى القرآن بعد ذلك ما كان من جواب الخالق - عز وجل - على نبيه إبراهيم فقال :
* ( قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ، ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ) * .
قوله : * ( فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ) * أى فاضممهن إليك - قرئ بضم الصاد وكسرها وتخفيف الراء - يقال : صاره يصوره ويصيره ، أى أماله وضمه إليه . ويقال - أيضا صار الشيء بمعنى قطعه وفصله والمعنى : قال اللَّه - تعالى - لإبراهيم : إذا أردت معرفة ما سألت عنه فخذ أربعة من الطير فاضممهن إليك لتتأملهن وتعرف أشكالهن وهيئاتهن كيلا تلتبس عليك بعد الإحياء ، ثم اذبحهن وجزئهن أجزاء * ( ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ) * أى ثم اجعل على كل مكان


( 1 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 297 . ( 2 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 308 .

600

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 600
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست