نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 588
عن صفات الحوادث ، عقب ذلك ببيان أن الدين الحق قد ظهر وتجلى لكل ذي عقل سليم ، وأنه لا يقسر أحد على الدخول فيه فقال - تعالى - : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 256 ] لا إِكْراه فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ويُؤْمِنْ بِاللَّه فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها واللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 256 ) الإكراه معناه : حمل الغير على قول أو فعل لا يريده عن طريق التخويف أو التعذيب أو ما يشبه ذلك . والمراد بالدين دين الإسلام والألف واللام فيه للعهد . والرشد : الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه ، مصدر رشد يرشد ويرشد أى اهتدى . والمراد هنا : الحق والهدى . والغي ضد الرشد . مصدر من غوى يغوى إذا ضل في معتقد أو رأى ، ويرى بعض العلماء أن نفى الإكراه هنا خبر في معنى النهى ، أى : لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح في دلائله وبراهينه ، فمن هداه اللَّه له ونور بصيرته دخل فيه على بصيرة ، ومن أضله وأعمى قلبه لا يفيده الإكراه على الدخول فيه . وقال بعض العلماء إن الجملة هنا على حالها من الخبرية والمعنى : ليس في الدين - الذي هو تصديق بالقلب ، وإذعان في النفس - إكراه وإجبار من اللَّه - تعالى - لأحد ، لأن مبنى هذا الدين على التمكين والاختيار ، وهو مناط الثواب والعقاب ، لو لا ذلك لما حصل الابتلاء والاختبار ، ولبطل الامتحان . أو المعنى : كما يرى بعضهم - إن من الواجب على العاقل بعد ظهور الآيات البينات على أن الإيمان بدين الإسلام حق ورشد . وعلى أن الكفر به غي وضلال ، أن يدخل عن طواعية واختيار في دين الإسلام الذي ارتضاه اللَّه وألا يكره على ذلك بل يختاره بدون قسر أو تردد . فالجملة الأولى وهي قوله - تعالى - : * ( لا إِكْراه فِي الدِّينِ ) * : تنفى الإجبار على الدخول في الدين ، لأن هذا الإجبار لا فائدة من ورائه ، إذ التدين إذعان قلبي ، واتجاه بالنفس والجوارح إلى اللَّه رب العالمين بإرادة حرة مختارة فإذا أكره عليه الإنسان إزداد كرها له ونفورا منه . فالإكراه والتدين نقيضان لا يجتمعان ، ولا يمكن أن يكون أحدهما ثمرة للآخر .
588
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 588