اختاره فكيف تعترضون يا من تدعون أنكم تريدون القتال في سبيل اللَّه ؟ لذا نراه - سبحانه - يضيف الملك الحقيقي إليه فيقول : * ( واللَّه يُؤْتِي مُلْكَه مَنْ يَشاءُ ) * أى : يعطى ملكه لمن يشاء من عباده لحكمة يعلمها . فلا يجوز لأحد أن يعترض على اختياره ، واللَّه واسع الفضل والعطاء .« عليم » .ثم حكى القرآن أن نبيهم لم يكتف بهذه الدلائل الدالة على صلاحية طالوت للقيادة ، وإنما ساق لهم بعد ذلك من العلامات التي تشهد بحقيقته بهذا المنصب ما يثبت قلوبهم ، ويزيل شكهم ويشرح نفوسهم فقال - تعالى - :[ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 248 الى 249 ] وقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِه أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيه سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وآلُ هارُونَ تَحْمِلُه الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 248 ) فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّه مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْه فَلَيْسَ مِنِّي ومَنْ لَمْ يَطْعَمْه فَإِنَّه مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِه فَشَرِبُوا مِنْه إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَه هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَه قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وجُنُودِه قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّه كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّه واللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ ( 249 ) التابوت : بوزن فعلوت - من التوب وهو الرجوع ، وتاؤه مزيدة لغير التأنيث كجبروت ، والمراد به صندوق التوراة وكانوا إذا حاربوا حمله جماعة منهم ويتقدمون به أمام الجيش فيكون