responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 560


وسيجازى المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته .
فالآية الكريمة تحريض للمؤمنين على القتال من أجل إظهار الدين الحق ، وتحذير لهم من القعود عنه ، وحث لهم على صدق النية وإخلاص العمل للَّه ، فقد سئل النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء ، أى ذلك في سبيل اللَّه ؟ فقال : من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه » « 1 » .
ثم أمر اللَّه - تعالى - عباده بأن ينفقوا أموالهم في الأعمال الصالحة التي من أعظمها الجهاد في سبيله فقال - تعالى - : * ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّه قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَه لَه أَضْعافاً كَثِيرَةً ) * .
قال القرطبي : « القرض : اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء . وأقرض فلان فلانا أى أعطاه ما يتجازاه . واستقرضت من فلان أى طلبت منه القرض فأقرضنى . واقترضت منه أى أخذت القرض . وأصل الكلمة القطع ومنه المقراض . وأقرضته أى قطعت له من مالي قطعة يجازى عليها . . . ثم قال : والتعبير بالقرض في هذه الآية إنما هو تأنيس وتقريب للناس بما يفهمونه ، واللَّه هو الغنى الحميد ، لكنه - تعالى - شبه عطاء المؤمن في الدنيا بما يرجو به ثوابه في الآخرة بالقرض كما شبه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة بالبيع والشراء . . » « 2 » .
والمعنى : من هذا المؤمن القوى الإيمان الذي يقدم ماله في الجهاد من أجل إعلاء كلمة اللَّه ، وفي غير ذلك من وجوه الخير كمعاونة المحتاجين ، وسد حاجة البائسين ، ومساعدة الأمة الإسلامية بما يفيدها ويعلى من شأنها ، * ( فَيُضاعِفَه لَه أَضْعافاً كَثِيرَةً ) * أى : فيرد اللَّه - تعالى - إلى هذا الباذل المعطى المقرض بدل ما أعطى وبذل وأقرض أمثالا كثيرة لا يعلم مقدارها إلا اللَّه أكرم الأكرمين . إذ المضاعفة معناها إعطاء الشخص أضعاف أى أمثال ما أعطى وبذل .
والاستفهام في قوله : * ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّه . . ) * للحض على البذل والعطاء ، وللتهييج على الاتصاف بالصفات الكريمة ، حتى لكأن المستفهم لا يدرى من هو الأهل لهذه الصفات ويريد أن يعرف من هو أهل لها .
و * ( مَنْ ) * اسم استفهام مبتدأ ، و * ( ذَا ) * اسم إشارة خبره ، والذي وصلته صفة لاسم الإشارة أو بدل منه .
وقوله : * ( قَرْضاً حَسَناً ) * حث للناس على إخلاص النية ، وتحرى الحلال فيما ينفقون ، لأن الإنسان إذا تصدق بمال حرام ، أو قصد بنفقته الرياء أو المباهاة لا يكون عمله متقبلا عند اللَّه ،


( 1 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 239 . ( 2 ) تفسير القرطبي ج 3 صفحة 239 .

560

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 560
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست