responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 561


وإنما يتقبل اللَّه العمل ويضاعفه لمن قصد به وجهه ، وكان المتصدق به مالا حلالا خالصا من الشبهات . فاللَّه - تعالى - طيب لا يقبل إلا ما كان طيبا .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( واللَّه يَقْبِضُ ويَبْصُطُ وإِلَيْه تُرْجَعُونَ ) * .
القبض : ضد البسط . يقال : قبضه بيده يقبضه أى تناوله . وقبض عليه بيده أى أمسكه .
ويقال لإمساك اليد عن البذل قبض ومن ذلك قوله - تعالى - : ويَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ أى يمتنعون عن الإنفاق .
والبسط معناه المد والتوسعة . يقال بسط يده أى : مدها . وبسط المكان القوم . وسعهم .
والمعنى : واللَّه - تعالى - بيده الإعطاء والمنع فهو يسلب تارة ويعطى أخرى ، أو يسلب قوما ويعطى آخرين ، أو يضيق على بعض ويوسع على بعض حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكمة والمصلحة ، وما دام الأمر كذلك فلا تبخلوا بما وسع عليكم كيلا تتبدل أحوالكم من الغنى إلى الفقر ، ومن السعة إلى الضيق . وأنتم جميعا سترجعون إليه وحده ، وسيجازى - سبحانه - الأسخياء بما يستحقون من كريم الثواب والبخلاء بما هم أهله من شديد العقاب .
فأنت ترى أن في هذه الآية الكريمة ألوان من الحض على الإنفاق في وجوه الخير ومن ذلك التعبير بالاستفهام ، لأنه للتنبيه وبعث النفوس إلى التدبر والاستجابة .
ومن ذلك - أيضا - التعبير بقوله : * ( مَنْ ذَا الَّذِي . . ) * فقد جمع هذا التعبير بين اسم الإشارة والاسم الموصول في الاستفهام ، ولا يستفهم بتلك الطريقة إلا إذا كان المقام ذا شأن وخطر ، وكان المخاطب لعظم قدره من شأنه أن يشار إليه وأن يتحدث عنه ومن ذلك تسميته ما يبذل الباذل قرضا ، ولمن هذا القرض إنه للَّه الذي بيده خزائن السموات والأرض والذي سيرد للباذل أضعاف ما بذل ، فكأنه - سبحانه - يقول لنا : إن ما تدفعونه لن يضيع عليكم بل هو قرض منكم لي ، وسأرده لكم بأضعاف ما دفعتم وأعطيتم . ومن ذلك إخفاء مرات المضاعفة ووصفها بالكثرة في قوله : * ( فَيُضاعِفَه لَه أَضْعافاً كَثِيرَةً ) * أى لا يعلم مقدارها إلا اللَّه .
ومن ذلك التعبير بقوله * ( واللَّه يَقْبِضُ ويَبْصُطُ ) * لأنه مادام العطاء والمنع من اللَّه فلما ذا يبخل البخلاء ويقتر المقترون ؟ إن على الغنى أن يستشعر نعمة اللَّه عليه وأن يتحدث بها بدون رياء وأن ينفق منها في وجوه الخير حتى يزيده اللَّه من فضله ، وإلا ففي قدرة اللَّه أن يسليها منه ، ويحاسبه على بخله حسابا عسيرا .
هذه بعض وجوه المبالغة التي اشتملت عليها الآية لحض الناس على الإنفاق في الجهاد وفي

561

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 561
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست