نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 53
قال أبو حيان في البحر : وقد ذكروا في هاتين الآيتين من ضروب الفصاحة أنواعا . الأول : الخطاب العام اللفظ ، الخاص المعنى . الثاني : الاستفهام الذي يراد به تقرير المعنى في النفس . أي : يتقرر أن الإنذار وعدمه سواء عندهم . الثالث : المجاز ويسمى الاستعارة وهو في قوله - تعالى - * ( خَتَمَ اللَّه عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ ) * وحقيقة الختم وضع محسوس على محسوس يحدث بينهما رقم يكون علامة للخاتم ، والختم هنا معنوي فإن القلب لما لم يقبل الحق مع ظهوره استعير اسم المختوم عليه ، فبين أنه من مجاز الاستعارة . الرابع : الحذف وهو في مواضع منها * ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا . . ) * أي : القوم الذين كفروا باللَّه وبك وبما جئت به ، ومنها * ( لا يُؤْمِنُونَ ) * أى باللَّه وبما أخبرتهم به عنه « 1 » . وإلى هنا يكون القرآن قد حدثنا عن طائفتين من الناس : طائفة المتقين وما لها من جميل الصفات ، وجزيل الثواب ، وطائفة الكافرين وما لها من ذميم النعوت ، وشديد العقاب . ثم ابتدأ القرآن بعد ذلك حديثه عن طائفة ثالثة ليس عندها إخلاص المتقين ، وليس لديها صراحة الكافرين ، وإنما هي طائفة قلقة مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك ، تلك الطائفة الثالثة هي طائفة المنافقين الذين فضحهم القرآن . وأماط اللثام عن خفاياهم وخداعهم فقال : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 8 الى 10 ] ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّه وبِالْيَوْمِ الآخِرِ وما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ( 8 ) يُخادِعُونَ اللَّه والَّذِينَ آمَنُوا وما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وما يَشْعُرُونَ ( 9 ) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّه مَرَضاً ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ( 10 ) قال صاحب الكشاف : « افتتح - سبحانه - كتابه بذكر الذين أخلصوا دينهم للَّه ، وواطأت قلوبهم ألسنتهم ، ووافق سرهم علنهم ، وفعلهم قولهم ، ثم ثنى بالذين محضوا الكفر ظاهرا
( 1 ) تفسير البحر المحيط لأبى حيان ج 1 ص 50 .
53
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 53