نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 50
مؤاخذ من اللَّه - تعالى - لأنه مكلف بتبليغ ما أنزل إليه من ربه . وجملة * ( لا يُؤْمِنُونَ ) * مفسرة لمعنى الجملة التي قبلها ومؤكدة لها ، لأنه حيث كان الإنذار وعدمه سواء ، فلا يتوقع منهم الإيمان . ولذلك فصلت . وفي هذه الجملة إخبار بعدم إيمانهم ألبتة ، وذلك لأن حرف « لا » إذا دخل على الفعل المضارع - كما هنا - أفاد أن الفعل لا يقع في المستقبل حتى تقوم قرينة تقصر النفي في المستقبل على وقت محدد . والحكمة في الإخبار بعدم إيمان هذه الطائفة المعينة من الكفار ، تسلية النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حتى لا يكون في صدره حرج من تمردهم وعدم إيمانهم بعد أن قام بواجب دعوتهم ، وفي ذلك تذكرة لكل داع مصلح بأن لا يحترق قلبه أسفا على قوم أعرضوا عن سلوك الصراط المستقيم بعد أن دعاهم إليه ، وبذل قصارى جهده في تبصيرهم وإرشادهم . ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الموانع التي حالت بينهم وبين الاهتداء إلى الحق في الماضي والمستقبل فقال تعالى : * ( خَتَمَ اللَّه عَلى قُلُوبِهِمْ ، وعَلى سَمْعِهِمْ ، وعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ) * . والختم : الوسم بطابع ونحوه ، مأخوذ من وضع الخاتم على الشيء وطبعه فيه للاستيثاق ، لكي لا يخرج منه ما هو بداخله ، ولا يدخله ما هو خارج عنه . قال القرطبي : « والختم مصدر ختمت الشيء ختما فهو مختوم مختم ، شدد للمبالغة ، ومعناه التغطية على الشيء والاستيثاق منه ، وقد يكون محسوسا كما في ختم الكتاب والباب ، وقد يكون معنويا كالختم على القلوب . . . » « 1 » والقلوب : جمع قلب ، وهو المضغة التي توجد بالجانب الأيسر من صدر الإنسان ، ويستعمل في القوة العاقلة التي هي محل الفهم والعلم . والسمع : مصدر سمع . ويطلق على الآلة التي يقع بها السمع . ولما كان الختم يمنع من أن يدخل في المختوم عليه شيء ، استعير لإحداث هيئة في القلب والسمع تمنع من خلوص الحق إليهما . الأبصار : جمع بصر ، وهو في الأصل الإدراك بالعين ، ويطلق على القوة التي يقع بها الإبصار ، وعلى العين نفسها . وهذا المعنى أقرب ما تحمل عليه الأبصار في الآية . وهو الأنسب
( 1 ) تفسير القرطبي ج 1 ص 186 .
50
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 50