نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 49
وسواء : اسم مصدر بمعنى الاستواء والمراد به اسم الفاعل أى : مستو ولذلك يوصف به كما يوصف بالمصدر ، كما في قوله - تعالى - : قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ . أى : مستوية . والإنذار : إخبار معه تخويف في مدة تتسع للتحفظ من المخوف ، فإن لم تتسع له فهو إعلام وإشعار لا إنذار ، وأكثر ما يستعمل في القرآن في التخويف من عذاب اللَّه - تعالى - . والمعنى : إن الذين كفروا برسالتك يا محمد مستو عندهم إنذارك وعدمه ، فهم لا يؤمنون بالحق ، ولا يستجيبون لداعي الهدى ، لسوء استعدادهم ، وفساد فطرهم . وجاءت جملة « إن الذين كفروا : مستأنفة ولم تعطف على ما قبلها لاختلاف الغرض الذي سيق له الكلام ، إذ في الجمل السابقة حديث عن الكتاب وآثاره وعظمته ، وهنا حديث عن الكافرين وأحوالهم . وقد وضح هذا المعنى صاحب الكشاف فقال : « فإن قلت لم قطعت قصة الكفار عن قصة المؤمنين ولم تعطف كنحو قوله : إِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ . وإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ . وغيره من الآيات الكثيرة ؟ قلت : ليس وزان هاتين القصتين وزان ما ذكرت . لأن الأولى فيما نحن فيه مسوقة لذكر الكتاب وأنه هدى المتقين ، وسيقت الثانية لأن الكفار من صفتهم كيت وكيت فبين الجملتين تباين في الغرض والأسلوب ، وهما على حد لا مجال فيه للعاطف » . وقوله * ( سَواءٌ ) * خبر إن و * ( عَلَيْهِمْ ) * متعلق به ، و * ( أَأَنْذَرْتَهُمْ ) * مؤول بمصدر فاعل سواء . أى : إن الذين كفروا سواء عندهم إنذارهم وعدم إنذارهم وإنما استوى لديهم الإنذار وعدمه مع أن الإنذار إنما يواجههم به نبي قوى أمين مؤيد من اللَّه - تعالى - ، لأنهم لما جحدوا نعم اللَّه ، وعموا عن آياته ، وحسدوا رسوله على ما آتاه اللَّه من فضله ، صاروا بسبب ذلك في حضيض جمد معه شعورهم ، وبرد فيه إحساسهم ، فلا تؤثر فيهم موجعات القول ، ولا تنفذ إلى قلوبهم بالغات الحجج . فهم كما قال الشاعر : < شعر > لقد أسمعت إذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى < / شعر > ولم يذكر - سبحانه - التبشير مع الإنذار ، لأنهم ليسوا أهلا للبشارة ، ولأن الإنذار أوقع في القلوب ، والذي لا يتأثر به يكون عدم تأثره بغيره أولى . ولم يقل - سبحانه - سواء عليك أأنذرتهم أم لم تنذرهم . . إلخ ، لأنه بالنسبة له صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لا يستوي الأمران ، إذ هو في حالة إنذاره لهم مثاب ومأجور ، أما في حالة عدم إنذاره فهو
49
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 49