responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 453


ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة الجاحدين لآياته فقال : * ( ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّه مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْه فَإِنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعِقابِ ) * .
التبديل : جعل شيء بدلا عن آخر ، ونعمة اللَّه هنا تتناول آياته الدالة على صدق رسله ، كما تتناول ما أسبغه اللَّه على عباده من صحة ومال وعقل وغير ذلك من نعمه الظاهرة والباطنة .
أى : ومن يبدل نعم اللَّه بعد ما وصلت إليه واتضحت له ، بأن كفر بها مع أنها تدعو إلى الإيمان ، وجحد فضلها مع أنها تستلزم منه الشكر لمسديها من يبدل ذلك التبديل فإن اللَّه سيعاقبه عقابا شديدا .
وقوله : * ( مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْه ) * زيادة توبيخ لهم ، وأنهم مستحقون لأشد ألوان العذاب ، لأنهم قد كفروا بآيات اللَّه وجحدوا نعمه بعد معرفتها والوقوف على تفاصيلها . فهو كقوله - تعالى - : وقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَه مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوه وهُمْ يَعْلَمُونَ . فهو تبديل عن معرفة لا عن جهل أو خطأ .
وقوله : * ( فَإِنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعِقابِ ) * تعليل للجواب أقيم مقامه .
أى : ومن يبدل نعمة اللَّه عاقبه أشد عقوبة لأنه شديد العقاب فلا يفلت منه أحد . ويحتمل أن يكون هذه الجملة هي الجواب بتقدير الضمير أى شديد العقاب له .
والعقاب هو الجزاء عن جناية وجرم ، وهو مأخوذ - كما يقول القرطبي - من العقب ، كأن المعاقب يمشى بالمحازاة للجاني في آثار عقبه ، ومنه عقبة الراكب - أى الموضع الذي يركب منه - ، فالعقاب والعقوبة يكونان بعقب الذنب وقد عاقبه بذنبه « 1 » .
فالآية الكريمة وعيد شديد لكل من يبدل نعم اللَّه ، ويترك شكرها .
وبعد أن ذكر القرآن حال من يبدل نعمة اللَّه من بعد ما جاءته ، أتبعه بذكر الأسباب التي حملت أولئك الأشقياء على البقاء في كفرهم وجحودهم فقال - تعالى - : * ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا ) * . . . الآية .
التزيين : جعل الشيء زينا أى ، شديد الحسن . والحياة نائب فاعل ، زين ، ولم تلحق تاء التأنيث بالفعل لأن نائب الفاعل مجازى التأنيث ولوجود الفاصل بين الفعل ونائب الفاعل .
والمعنى ، أن الحياة الدنيا قد زينت للكافرين فأحبوها وتهافتوا عليها تهافت الفراش على النار ، وصارت متعها وشهواتها كل تفكيرهم ، أما الآخرة فلم يفكروا فيها ، ولم يهيئوا أنفسهم للقائها .


( 1 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 28 .

453

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست