نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 452
وإنما سببه الجحود والحسد وإيثار الهوى على الهدى ، بدليل أن بنى إسرائيل قد آتاهم اللَّه آيات بينات تهدى إلى الإيمان ومع ذلك كفروا بها . استمع إلى القرآن وهو يصور موقفهم بعد تهديده للكافرين في الآية السابقة فيقول : * ( سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ . . . ) * . قال الفخر الرازي : اعلم أنه ليس المقصود : سل بنى إسرائيل ليخبروك عن تلك الآيات فتعلمها وذلك لأن الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان عالما بتلك الأحوال بإعلام اللَّه - تعالى - إياه ، بل المقصود منه المبالغة في الزجر عن الإعراض عن دلائل اللَّه - تعالى - . أى : سل هؤلاء الحاضرين أنا لما آتينا أسلافهم آيات بينات فأنكروها ، لا جرم استوجبوا العقاب من اللَّه - تعالى - ، وذلك تنبيه لهؤلاء الحاضرين على أنهم لو زلوا عن آيات اللَّه لوقعوا في العذاب كما وقع أولئك المتقدمون فيه . والمقصود من ذكر هذه الحكاية أن يعتبروا بغيرهم . . . » « 1 » . و * ( سَلْ ) * فعل أمر من سأل وأصله اسأل فنقلت فتحة الهمزة إلى السين قبلها وصارت ساكنة فحذفت . ولما فتحت السين لم يكن هناك حاجة إلى همزة الوصل فحذفت أيضا . و * ( كَمْ ) * إما خبرية والمسئول عنه محذوف ، والجملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب مبينة لاستحقاقهم التقريع والتوبيخ . كأنه قيل « سل بنى إسرائيل » عن طغيانهم وجحودهم للحق بعد وضوحه فقد آتيناهم آيات كثيرة بينة ومع ذلك أعرض كثير منهم عنها . وإما استفهامية والجملة في موضع المفعول الثاني لقوله « سل » وقيل : في موضع المصدر ، أى : سلهم هذا السؤال . وقيل : في موضع الحال . أى : سلهم قائلا : كم آتيناهم . والاستفهام للتقرير بمعنى حمل المخاطب على الإقرار - بأنه قد خالف ما تقتضيه الآيات من الإيمان باللَّه - تعالى - . فالمراد بهذا السؤال تقريعهم على جحودهم الحق بعد وضوح الآيات لا معرفة إجابتهم كما إذا أراد واحد منا توبيخ أحد فيقول لمن حضره : سله كم أنعمت عليه ؟ ومن الآيات البينات والمعجزات الواضحات التي أظهرها اللَّه - تعالى - لبنى إسرائيل على أيدى أنبيائهم ليؤمنوا بهم : عصا موسى التي ألقاها فإذا هي حية تسعى والتي ألقاها فإذا هي تلقف ما صنعه السحرة ، والتي ضرب بها البحر فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وحدانية اللَّه وصدق من جرت على يديه هذه الخوارق ، ومع ذلك فمنهم من قال لموسى أَرِنَا اللَّه جَهْرَةً ومنهم من كفر وعبد العجل . .
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 6 ص 3 .
452
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 452